QR CodeQR Code

26 عاماً على اتفاق اوسلو؛ وشعب فلسطين ما زال يدفع الثمن

اسلام تایمز , 14 أيلول 2019 17:00

القدس المحتلة (اسلام تايمز) - بعد مرور ربع قرن على توقيع معاهدة اوسلو، لا يزال الشعب الفلسطيني يدفع فاتورة هذا الاتفاق الفاشل الذي زاد من سيطرة الإحتلال على الأراضي الفلسطينية وتسبب بتوسيع الاستيطان وارتفاع حدة الإرهاب الإسرائيلي على الفلسطينيين. واليوم يستغل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الوضع الراهن لتوسيع الاستيطان وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية الى كيانه الغاصب.


صادفت يوم الجمعة الذكرى السادسة والعشرين، لاتفاق "أوسلو"، في الثالث عشر من أيلول، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة الأمريكية واشنطن عام 1993، وسميّ نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي أفرزت هذا الاتفاق.

ونصّت الاتفاقية على إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية (أصبحت تعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كما نصت على أن تغطي هذه المفاوضات بعد انقضاء ثلاث سنوات القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئون، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين، وما يجده الطرفان من قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك، وكل ذلك سيتم بحثه استناداً إلى قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338.

وفيما يتعلق بالأمن؛ نصت الاتفاقية على إنشاء قوة شرطة فلسطينية "قوية"، من أجل ضمان النظام العام في الضفة وغزة، بينما لن يكون الأمن الخارجي والعلاقات الخارجية والمستوطنات من مهام السلطة في المناطق التي سينسحب الجيش الإسرائيلي منها.

وشكّل الاتفاق منعطفًا "مهمًا" في مسار القضية الفلسطينية، بحيث أنهى النزاع المسلح بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي، ورتب لإقامة سلطة في الضفة الغربية وغزة، وذلك حصيلة مفاوضات سياسية رسمية ومباشرة بين الطرفين.

عمليات التفاوض بشأن الاتفاقية تمت في أوسلو بالنرويج، إلا أن التوقيع جرى في واشنطن بالولايات المتحدة، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ورئيس منظمة التحرير ياسر عرفات ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي اسحق رابين.

ولاقى هذا الاتفاق معارضة شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني، لتأثيره وانعكاساته على جوهر القضية الفلسطينية، ويؤكد المعارضون له أنه سقط سقوطا مدويا لعدم تحقق أهدافه الأساسية ومنها حسم مواضيع الحل النهائي.

ومنذ توقيع الاتفاقية ارتفعت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة خلال اتفاقيات التسوية أكثر منها خلال الحروب، حيث تضاعفت 7 مرات عن سابقاتها.

كما خصص الاختلال 42% من أراضي الضفة للتوسع الاستيطاني، من ضمنها 62% من أراضي مناطق "ج"، فيما ارتفع عدد المستوطنين من 111 ألف إلى 750 ألف بعد توقيع الاتفاقية، وذلك بعد مرور 50 عامًا على النكسة.

وعود نتنياهو بضم الاغوار لسيادة الاحتلال

في خطوة استفزازية، وقبل أيام معدودة من موعد الانتخابات الإسرائيلية، أعلن رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، نيته فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق الأغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت، والتي تغطي 22 بالمائة من مساحة المنطقة المصنفة (ج) فور تشكيل حكومته القادمة حال فوزه في الانتخابات.

ووفق تقرير الاستيطان الأسبوعي الذي يعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحريرالفلسطينية، فأن نتنياهو في خطوته الأولى كان يراهن على هدية مجانية إضافية تقدمها له الإدارة الأميركية لمساعدته على الفوز في الانتخابات كهداياها السابقة عندما اعترفت بالقدس المحتلة عاصمة لدولة "إسرائيل" واعترفت بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتل:

"نتنياهو الذي انتظر الهدية المجانية التي كان يراهن عليها أعاد التأكيد على مواقفه السابقة وأعلن أنه يعارض إخلاء 80 ألف مستوطن من المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية، وأنه في ظل حكومته لن تكون هناك خطة انفصال ولن يقتلع أحدا، بل على العكس من ذلك؛ في إشارة إلى توسيع الاستيطان".

ولطالما تفاخر نتنياهو من اقترابه من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، زاعما أن بفضل علاقته الشخصية مع ترامب، سوف يتمكن من ضم جميع المستوطنات في قلب "الوطن". وسيسهل الأمر علينا لو أخذنا بنظر الاعتبار اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وكل الدعم الذي تقدمه إدارة ترامب للكيان الغاصب.

ويرى المراقبون أن خطة نتنياهو القادمة لضم الأغوار الشمالية وشمال البحر الميت هي رأس جبل الجليد من مخطط ضم أوسع يشمل الكتل الاستيطانية وجميع المستوطنات بما نسبته 75% من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مشاريع التوسع الاستيطاني

على الرغم من مساعي نتنياهو الحثيثة لاستخدام "ورقة الاستيطان" لكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة ومحاولته لشراء قلوب المستوطنين الذين أصبحوا غير واثقين به وبسياساته، لكن دعوات السيطرة على أراضي الفلسطينيين ليست جديدة في الساحة السياسية الإسرائيلية، حتى بالنسبة لنتنياهو نفسه، فقد أعلن قبل يومين من انتخابات إبريل/ نيسان الماضي، والتي انتهت بفشله في تشكيل الحكومة، عزمه على ضم جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ولم يذكر تفاصيل ولا جدولا زمنيا، ولم يتخذ أي إجراء.

صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، كشفت أن نية نتنياهو كانت إعلان فرض السيادة الإسرائيلية رسميا على الأغوار وشمالي البحر الميت، لكنه تراجع عن ذلك، بعد أن علم من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، أن الدستور لا يمنح حكومة تصريف الأعمال في إسرائيل الحق في اتخاذ قرار من هذا النوع، وقبل أسبوع من الانتخابات العامة، وبعد أن واجه فتور الإدارة الأميركية حيال الفكرة، والتي أطلعها مسبقا على مضمون خطابه، ليسارع البيت الأبيض إلى تأكيد أنه "لم يحدث أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة في هذا الوقت". لذلك، اكتفى نتنياهو بتعهدات انتخابية، متمسكا بالتنسيق مع الإدارة الأميركية بشأن هذه الخطوة، وتأجيل إجراءات الضم، منتظرا "خطة السلام" التي اقترحها ترامب، المقرر صدورها بعد أيام من الانتخابات الإسرائيلية، احتراما لسيده ترامب، كما زعم.

وترى أوساط سياسية وأكاديمية إسرائيلية في الشروع بإجراءات الضم إعادة تشكيل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتقويضا لحل الدولتين، ونسفا لأسس العملية السلمية التي قامت عليه. وسيكون ذلك، مع انسداد الأفق أمام الفلسطينيين، في نهاية المطاف، كارثيا على إسرائيل، إذ قد تجد السلطة الفلسطينية ذريعة كافية لوقف التنسيق الأمني الفعلي معها، أو تنهار تحت ضغط فوضى عارمة في الضفة الغربية تمتد إلى غزة، تضطر معها إسرائيل إلى إرسال قواتها إلى الأراضي التي كانت تسيطر عليها تلك السلطة بموجب اتفاقات أوسلو.

الدعوة للتبرؤ من اتفاق اوسلو


هذا وطالب عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية "فريق أوسلو" بالعودة للشعب الفلسطيني ضمن برنامج وطني لمواجهة الاحتلال والتبرؤ من تلك الاتفاقية. ودعا الحية خلال تصريحات صحفية خلال مشاركته في جمعة "فلتُشطب أوسلو من تاريخنا" شرق غزة "أصحاب اتفاقية أوسلو" إلى الاعتراف بخطئهم وأن الاتفاق لم يجلب سوى مزيد من الانقسام وتمديد الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الحية إن اتفاقية أوسلو جعلت الكيان الإسرائيلي عاديا بعد أن كان مشبوها غير مقبول في المنطقة وأنها سبب في تجريم بعض الأطراف للمقاومة الفلسطينية المشروعة.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي "عبد الباري عطوان"، أن نتنياهو، وحسب آراء الغالبية من الإسرائيليين، كاذب محترف، ولو أراد ضم غور الأردن، فلماذا تأخر كل هذه العقود فليس هناك ما يمنعه، وكان باستطاعته أن يصدر قرارا بصفته رئيسا للوزراء في هذا الخصوص، ولكنه بات يدرك، أن فرص فوز ائتلاف الليكود الذي يقوده وتشكيل الحكومة ليسَت كبيرة، ولهذا يغدقه في الوعود على أمل تحسين حظوظه في الفوز ابتداء من ضم غور الأردن وانتهاء بالتهديد بغزو قطاع غزة للقضاء على حكم حركة “حماس”، وإنهاء وجود ظاهرة المقاومة فيه.

وفي النهاية، فإن الناخب الإسرائيلي الذي يضع الأمن على قمة أولوياته قد يتردد كثيرا في التصويت لزعيم ظهرت معالم الجبن والرعب على وجهه، وهو يهرب من إطلاق صاروخين على مدينة ضخمة كان يلقي فيها خطابا انتخابيّا، كما أن التلويح بضم الأراضي وتهويدها، وتشريع الاستيطان فيها، لم يحقق الأمن والاستقرار، بل أعطى، وسيعطي نتائج عكسية، وتطور صواريخ غزة، ودقتها، ووجود ترسانة الطائرات المسيرة الموازية لها أحد الأمثلة في هذا الصدد.


رقم: 816195

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/news/816195/26-عاما-على-اتفاق-اوسلو-وشعب-فلسطين-زال-يدفع-الثمن

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org