0
الأربعاء 18 أيلول 2019 ساعة 08:51

حضور وفد من طالبان في إيران، الرسائل والتداعيات

حضور وفد من طالبان في إيران، الرسائل والتداعيات
السبب في عقم مفاوضات طالبان وأمريکا، رغم ما بذلته أمريکا من جهد، يعود في المقام الأول إلی أن حرکة طالبان قد توصلت نهائيا إلی إحاطة مفادها أن أمريکا ليست طرفا موثوقا به علی الصعيد الدولي نظرا لنقضها المتکرر للعهود والمواثيق ومن ضمنها انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران.

ومن جهة أخری فإن سوابق هذه الجماعة علی مدی عشرين عاما وتجاربها الطويلة المدی وقاعدتها الاجتماعية الملائمة في أفغانستان هذه کلها قد أوصلت طالبان إلی إحاطة أن هدف ترامب من إجراء المفاوضات مع طالبان ووعده بالخروج من أفغانستان لا يمکن الوثوق فيهما وأن أمريکا و ترامب ينظران إلی طالبان کآلة يستغلانها للانتخابات فحسب، وليس من المعلوم أنه إذا ما فاز ترامب بالأصوات اللازمة في المرحلة الثانية للانتخابات فهل سيبقی طالبان عنصرا مرغوبا فيه بالنسبة لترامب ذاته وحکومة أمريکا أم لا؟

ثم إن طالبان تنظر بعين الريب والشك إلی علاقة أمريکا بفلول داعش التي جری انتشارها في أفغانستان بعد هروبها من سوريا والعراق وطردها من البلدين کما أنها لا تثق في وعود أمريکا بشأن إعطائها الأولوية لطالبان مقارنة بداعش ولهذا رجحت اکتساب الشرعية الدولية من قبل سائر الدول علی وعود أمريکا الحلوة بعيدة المنال.

وفي الجانب المقابل فإن ايران رحبت بوفد طالبان من زوايا خاصة: أولها أن طالبان تسيطر حاليا علی أکثر من نصف أفغانستان شئنا أم أبينا، ولهذا فإن تحقيق السلام في أفغانستان لا يتيسر إلا من خلال عقد حوار فيما بين الفصائل الأفغانية ومن بينها طالبان.
ثانيا قضية الحدود المشترکة الإيرانية الأفغانية وعدم اعتداء هذه الجماعة علی مصالح ايران في أفغانستان بصورة مستديمة وکذلك قضية صيانة هذه الحدود المشترکة من جهة أخری، هذه کلها دفعت إيران إلی قناعة مفادها أن طالبان اليوم تختلف عن طالبان قبل عشرين سنة، اختلافا أساسيا ولذا من شأنها أن تشکل طرفا موثوقا فيه في المفاوضات والتعامل.

وتثبت آخر التقديرات أن جماعات وکتلا عديدة من طالبان مازالت تعارض احتلال أفغانستان من قبل أمريکا بشکل خاص وأنها تصر علی تمشيط وتصفية أفغانستان من الاحتلال الأمريکي. وهذا معناه أننا بإمکاننا أن نتوقع آفاقا مؤثرة من التعاون المشترك وأخيرا الترحيب بأفغانستان تحظی بالهدوء والاستقرار بمحاذاة الحدود الإيرانية.

كما أن هذه التجربة الجديدة، الناتجة عن إجراء المفاوضات والتعاون بين إيران وأفغانستان من شأنها أن تلقي أضواء علی تقديم واختبار مبادرة يُنظر من خلالها إلی الشعب الأفغاني نظرة تقدير واحترام ويُحافَظ في ضوئها علی سيادة أراضي أفغانستان بمعزل عن العنف وسفك الدماء الذي وضعته أمريکا والسعودية والإمارات في أجندة أعمالها خلال السنوات الماضية، وبغرض التوصل إلی أهدافها ومصالهحا.
رقم : 816825
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم