0
السبت 5 تشرين الأول 2019 ساعة 09:36

مخاطر التدخلات الخارجية على الإنتخابات التونسية

مخاطر التدخلات الخارجية على الإنتخابات التونسية
فقد عاشت تونس طوال الأشهر الأخيرة سجالات سياسية حادة على وقع الانتخابات الرئاسية والتشريعية لكن ما بات يلفت الانتباه مع اقتراب قطار الانتخابات من محطته الأخيرة الحديث الذي كان في الكواليس وانتقل الى العلن وأصبح يُتداول بقوة في المنصات الاعلامية هو التدخلات الخارجية في الإنتخابات وتداول المالي الفاسد بهدف التأثير على الناخب وربما تكون هذه الإنتخابات من أهم الانتخابات التي لعب فيها المال والاعلام دورا كبيرا بهدف التأثير لكسب أصوات الناخبين وهو حديث لا يخرج عن طبيعة الصراع السياسي في البلاد منذ الثورة وبداية الانتقال الديمقراطي منذ العام 2011.

وأثار قرار رئيس الحكومة ورئيس حزب تحيا تونس يوسف الشاهد التخلي عنى جنسيته الفرنسية جدلا واسعا حول حجم العلاقات المثيرة للريبة بين السلطات الفرنسية ويوسف الشاهد رغم أن الاخير دائما ما ينفي التهم ويؤكد ان حصوله على الجنسية الفرنسية كان في اطار ظروف خاصة. واُتهم الشاهد بعلاقاته مع الولايات المتحدة الأميركية نتيجة عمله لسنوات في السفارة الاميركية بتونس.

كما تحوم شكوك حول رئيس الحكومة السابق والمرشح مهدي جمعة شكوك بسبب علاقاته بشركة طوطال الفرنسية حيث اُتهم بابرام عقود في مجال الطاقة مع الشركة الفرنسية بطريقة غير قانونية.

ويُتهم المرشح الرئاسي ووزير الدفاع السابق عبدالكريم الزبيدي بربط علاقات مع السفارة الاميركية في تونس بسبب ابرامه عقود واتفاقات مع وزارة الدفاع الأمريكية زادت من النشاط العسكري والأمني الأمريكي في تونس تحت عناوين مكافحة الارهاب والتدريب والتعاون وتبادل الخبرات.

ووجهت لمرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو اتهامات بوجود علاقات قريبة مع السعودية لحمله الجنسية السعودية. كما تتهم حركة النهضة بالحصول على دعم مالي واعلامي من قطر ودعم تجاري واقتصادي من تركيا.

ورغم أن اللاعبين الدوليين والاقليميين في تونس كثيرين لكن المتابعين يتفقون القول على وجود تدخلات خطيرة من أوروبا وفي مقدمتها فرنسا عبر سفيرها في تونس وكذلك من الكيان الاسرائيلي.

ومن بين التدخلات الاوروبية في تونس هو الصراع الفرنسي الايطالي بخصوص قضية المرشح الرئاسي نبيل القروي الموقوف من أجل ارتكاب جرائم تبييض الأموال والتهرب الضريبي والتحيل، ففي حين تضغط ايطاليا للسماح للقروي بالقيام بحملته الانتخابية باعتباره حق قانوني تضغط فرنسا على يوسف الشاهد للإبقاء عليه في السجن حتى تتضح الاتهامات المسجلة في ملفه القضائي.

لكن ملف القروي تطور بسرعة بعد الكشف عن جهات خليجية واسرائيلية وأوروبية تدعم وصوله للرئاسة وحصول حزبه قلب تونس على الأكثرية البرلمانية .

فقد نشر القيادي السابق بحركة النهضة رياض الشعيبي تدوينة تحت عنوان “القصة الكاملة لقضية تبييض الأموال…وما خفي كان أعظم” وفيها اتهمه بتييض الأموال عبر شركة مسجلة في لكسمبورغ تعمل لحساب قناته "نسمة". واتهم الشعيبي القروي بالتآمر على أمن الدولة من خلال حصول قناة "نسمة" على مبلغ شهري أكثرمن 2 مليون دولار عبر جمعية رئيسها فلسطيني يعمل لحساب محمد دحلان مستشار محمد بن زايد وتبين أن الجمعية تمولها الامارات وتستعمل فيها لنقل أموال لصالح جهات أخرى أيضا في تونس، وليس فقط لقناة نسمة”.

كم أفاد موقع "لوبيينغ آل مونيتور"، المختصّ في كشف أنشطة جماعات الضغط، أن نبيل القروي أبرم عقدًا بقيمة مليون دولار مع شركة "دينكنز أند مادسون"Dickens and Madson) ) مقرّها في كندا ويديرها إسرائيلي عمل في الاستخبارات الصهيونية، وذلك من أجل الضغط على الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بهدف "الحصول على رئاسة الجمهورية التونسية". واُبرم العقد بتاريخ 19 أوت/أغسطس 2019، ومسجّل لدى وزارة العدل الأمريكية.

ويتضمن العقد "سعي" مدير شركة "دينكنز أند مادسون" ويُدعى آري بن ميناشي لترتيب لقاءات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولين أمريكيين كبار آخرين. كما يتضمن العقد أن تعمل الشركة من أجل الحصول على "دعم مادي للدفع من أجل رئاسة الجمهورية" من طرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبن ميناشي، هو عميل استخباراتي إسرائيلي وتاجر أسلحة وقبل مدة طلبت الحكومة الكندية من الشركة التحقيق مع بن ميناشي من أجل إبرامه عقدًا بقيمة 6 مليون دولار مع الحكومة العسكرية الانتقالية في السودان.

وترك الكشف عن هذا الوثيقة في تونس استياء كبيرا لدى أنصاره وارتياحا لدى منافسيه في الإنتخابات وفتح القضاء تحقيقا جديدا في ملف القروي بشكوى من رئيس التيار الديمقراطي محمد عبو كما اعتبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد الوثيقة التي تثبت تورط القروي في الحصول على تمويلات أجنبية بأنها خطيرة للغاية وقال أنه سيرفع قضية باسم تحيا تونس ضد القروي على غرار التيار الديمقراطي، معتبرا الامر وصل الى حد استعمال شركات يقودها اسرائيليون وأجهزة استخيارات اسرائيلية!!.

في كل الاحوال أصبح الشارع التونسي اليوم أكثر من ذي قبل متوجسا من سيناريوهات عربية كانت أم غربية قد تؤدي الى ضرب مسار الانتقال الديمقراطي برمته مثلما وقع في مصر وليبيا.
رقم : 820216
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم