0
الاثنين 7 تشرين الأول 2019 ساعة 10:21

تركيا تعزف على وتر استمرار الفوضى في الشمال السوري

تركيا تعزف على وتر استمرار الفوضى في الشمال السوري
ميدانياً اصبح التلويح بورقة العملية العسكرية التركية الشغل الشاغل للنظام التركي، حالة من القلق والخوف تسود المنطقة، على خلفية تصريحات اردوغان الاخيرة حول بدء العملية العسكرية لشرق الفرات، الجيش التركي خلال الايام القليلة الماضية حشد قواته في المنطقة المقابلة لتل ابيض بريف الرقة الشمالي وتحدثت المعلومات عن ارسال تعزيزات عسكرية، بينها مدافع ميدانية ودبابات من اللواء 20 مدرعات إلى مدينة أقجة قلعة المقابلة لمدينة تل أبيض على الحدود السورية - التركية، في ريف الرقة الشمالي، ونشر ما يقارب 120 ألف جندي تركي على الحدود، ورفع الجاهزية لانطلاق العمل عسكري.

والابصار تتجه نحو المنطقة التي تربط بين رأس العين وتل أبيض والتي تمتدّ على طول 100 كم، وترافق هذه المرة مع حشود عسكرية وتعزيزات للوحدات الكردية وميليشيا قسد في محيط راس العين، مع استمرار الرصد الجوي التركي في تلك المنطقة، في حين يستمر الجانب الامريكي بتسيرر دوريات احادية في تلك المنطقة.

طبعا قرار العملية العسكرية ياتي بعد ان اثبتت الجولات المشتركة بين الاتراك والقوات الامريكية ان المنطقة الامنة ماتزال تشهد تواجد لميليشيا قسد والوحدات الكردية رغم التظاهر باخلائها . بالمقابل النظام التركي استدعى فصائل من الجيش الحر الى منطقة تل ابيض بريف الرقة الشمالي والاعلان عن تشكيل جيش وطني يضم كافة فصائل الجيش الحر برعاية النظام التركي.

سياسياً الصورة من بعيد هي غير الصورة من قريب، وبالذات ما بين الامريكي والتركي والتي تدلل المؤشرات وتوحي بعمق الخلاف بين الجانبين في تلك المنطقة، وبمراجعة بسيطة لما نقلته بعض الصحف عن مسؤولين امريكيين، ان القلق هو الحالة السائدة في الاوساط السياسية الامريكية والتركية، وهذا ما ورد تماما في صحيفة وول ستريت جورنال، عندما نقلت عن مسؤول امريكي الذي عبر عن قلقه من توغّل تركي بشكل واضح، والكل يجمع ان السبب الحقيقي لهذه الخلافات التركية - الأميركية التي اصبحت في منحى جدي، ما يرشح ان ينتهي التحالف الامريكي التركي ويندثر الاتفاق الخاص بالمنطقة الامنة، بعد تهدّيد امريكي بالانسحاب من التنسيق في شرق الفرات، بعد اتجاه تركيا نحو خيار العمل العسكري المنفرد.

وفي الترجيحات، فإن ذلك يدلل ان التركي يحاول ان يستغل العصا العسكرية لترويض الامريكي في تلك المنطقة، واستخدامها كأداة ضغط على الجانب الامريكي، وهذا ما دفع قسد للشعور بجدية الخطوة التركية، فأطلقت التصريحات النارية، تجاه التركي.

إن الخطوات العملية التي تقوم بها تركيا في شمال سوريا، اصبحت ابعد بكثير من رسائل سياسية، وهذا ما نلحظه من خلال دمج مجموعة من المجموعات المسلحة المسماة بغصن زيتون ودرع الفرات والجبهة الوطنية للتحرير وغيرها من التنظيمات ضمن مايسمى الجيش الوطني، ومن ثم نقل أسلحة متوسطة وثقيلة ومسلحين من ريف حلب وإدلب باتجاه خطوط التماس مع الشمال الشرقي السوري، ما يدلل على السعي التركي لفرض امر واقع على الولايات المتحدة الامريكية، ودفعها بالقوة العسكرية لتطبيق المنطقة الامنة التي يحلم بها النظام التركي منذ بداية العدوان والحرب على سوريا.

هذا كله يساعدنا في فهم ان الامريكي والتركي في تلك المنطقة فقدا الثقة المتبادلة بين الجانبين، فلا الامريكي لديه النية لاستغناء عن الاكراد والتحالف مع جماعة "قسد"، وهذا افقده القدرة على المقامرة بمصير تلك الجماعة لتنفيذ الاجندات، وان التجربة مع الامريكي والتركي اثبتت عمق الشرخ القائم بينهما.

وهنا يجب ان نتوقف قليلا بين الأطماع الأميركية والأوهام التركية، لنتساءل، ما هي النتيجة المنتظرة من هذه العملية، وما هو المشهد العام للمنطقة في المرحلة القادمة، ربما الهلوسات التركية الدائمة باقامة منطقة امنة، والخوف الامريكي على تحالفاته، والاتفاق وعدم الاتفاق القائم بين الجانبيين، يحتاج الى معجم افكار ومفاهيم سياسي جديد لفك طلاسمه، الا ان الاتفاق العام في المنطقة يؤكد ان ما يحدث في شمال شرق سوريا، ليس بعيدا عن الاضطرابات في العراق، وان كل ما يجري هو محاولة جديدة لعودة الفوضى للمنطقة، واحياء داعش من جديد، ولن تحقق المنطقة الامنة وحتى بفعل الحديد والنار، وان ما سيتغير هو نغمة الاطماع التركية والامريكية في المنطقة، والتي اصبح الجيمع يعلم انها اضغاث احلام واوهام لا اكثر ولا اقل.
رقم : 820565
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم