0
الخميس 17 تشرين الأول 2019 ساعة 09:49

مسيرة الأربعين.. رمز الوحدة الإسلامية تحت الراية الحسينية

مسيرة الأربعين.. رمز الوحدة الإسلامية تحت الراية الحسينية
يلعب الأربعون دوراً مهمّاً في استمرار واقعة عاشوراء، ولولا الدور الزينبي (عليها السلام) في حمل الرسالة من عاشوراء إلى الأربعين، ربما لم تكن حركة الإمام الحسين (عليه السلام) لتحقق هذه الاستمرارية التاريخية، ولما وصلتنا وقائع كربلاء كما هي الآن، فقد كان الأربعون وسيلةً لنشر رسالة عاشوراء.

تاريخ مسيرة الأربعين

"مشاية الأربعين"، أو "مسيرة الأربعين"، هي طقوس شيعية تقام في الأيام التي تنتهي إلى العشرين من الصفر (أربعينية الإمام الحسين عليه السلام(.

تنطلق هذه المسيرة من أنحاء مختلفة من العراق إلى كربلاء، بهدف زيارة الأربعين، ومعظم الزوار یبدؤون مسيرتهم من النجف إلى كربلاء، وفي الطرق المختلفة لهذه المسيرة، هنالك أماكن لاستضافة الزوار تدعى "الموكب".

خلال حكم صدام حسين، تم فرض قيود على هذا المراسم، ولكن مع سقوط حزب البعث في عام 2003 تم إحياء المراسم، وفي كل عام بالإضافة إلى الشيعة العراقيين، ينضم الشيعة من دول أخرى، وخاصةً إيران، إلى مسيرة الأربعين.

ووفقاً للتقارير، بالإضافة إلى الشيعة، تحضر مجموعات من السنة والمسيحيين والإيزيديين والمذاهب الإسلامية الأخرى في مسيرة الأربعين.

وفي السنوات الأخيرة، يشارك الملايين من الزوار في هذه المسيرة، بحيث يعتبرون هذا الحدث أكبر تجمع ديني سنوي في العالم.

وحول عدد الأشخاص الذين يحضرون هذه المسيرة، تتراوح الإحصاءات بين اثني عشر مليوناً إلى عشرين مليون.

اعتبر السيد "محمد علي القاضي الطباطبائي" في كتابه بعنوان "التحقيق حول أول أربعين سيد الشهداء"، زيارة الإمام الحسين في يوم الأربعين، بأنه السنة والسلوك الشيعي المستمر منذ عهد الأئمة عليهم السلام، والذي تم الالتزام به في عهد بني أمية وبني عباس أيضاً.

يقال إن هذا التقليد تم نسيانه بعد "الشيخ الأنصاري"، وأحياه "المحدث النوري".

مؤلف كتاب "أدب الطف" وفي تقرير عن مراسم الأربعين في كربلاء، شبَّه التجمُّع في هذا الحدث بتجمُّع المسلمين في مكة، وأشار إلى مواكب العزاء فيه والتي كان بعضها يردِّد الرثاء الحسيني باللغة التركية والعربية والفارسية والأردية.

نشر أدب الطف في عام 1967، وقدَّر مؤلفه عدد المشاركين في مسيرة الأربعين بأكثر من مليون شخص.

مع سقوط حزب البعث العراقي في عام 2003، تم إحياء طقوس مسيرة الأربعين في العراق مرةً أخرى، وبعد ذلك ازداد عدد المشاركين في كل عام بالقياس إلى السنة السابقة.

في بداية إحياء هذه المسيرة، كان يتراوح عدد المشاركين فيها بين مليوني وثلاثة ملايين شخص، ولكن في السنوات التالية، بلغ عدد الزوار المشاركين في المسيرة أكثر من عشرة ملايين، إلى الحد الذي اعتبروه أحد أكبر التجمعات أو المسيرات الدينية في العالم.

لقد أعلنت سدنة العتبة العباسية المقدسة في عام 2016 في بيان، أنه في الثلاثة عشر يوماً التي سبقت الأربعين (أي من 7 صفر إلى 20 صفر) دخل إلى كربلاء أكثر من أحد عشر مليوناً ومئتي ألف شخص.

وفي عام 2018، أعلنت سدنة العتبة الحسينية المقدسة في بيان، أنه في العشرة أيام التي سبقت الأربعين (من 10 إلى 20 صفر)، دخل أكثر من 11 مليوناً وثمانمئة وخمسين ألف شخص من البوابات الرئيسة لكربلاء، والذين دخلوا كربلاء من الشوارع الفرعية، أو لم يدخلوا وسط المدينة لأي سبب كان (على مسافة حوالي ثلاثة كيلومترات من العتبة المقدسة)، لم يُحسبوا في هذه الإحصاءات.

المشاركة المليونية من جميع أنحاء العالم في مسيرة الأربعين

تم نشر العديد من الإحصاءات الأخرى حول عدد الزوار في المواقع الإخبارية ووسائل الإعلام، وأفادت بعض التقارير بمشاركة 15 مليون زائر شيعي في هذه المسيرة، وفي بعض التقارير الأخرى، وصل هذا الرقم إلى عشرين مليوناً.

تشير إحصائيات وزارة الداخلية العراقية إلى أنه في عام 2013، وصل إلى العراق ما لا يقل عن مليون و300 ألف زائر أجنبي، وشاركوا في مسيرة الأربعين، وبحسب إحصاءات الحكومة العراقية، فقد وصل هذا العدد في عام 2018 إلى أكثر من مليون وثمانمئة ألف زائر.

لماذا تعتبر مسيرة الأربعين مهمةً؟

"مسيرة الأربعين" واحدة من نقاط التحوّل التاريخية في الآونة والسنوات الأخيرة، وقد اعتبروها أكبر تجمع في العالم، وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الغربية حاولت في البداية تجنب تغطية هذا الحدث العظيم، ولكنه كان كبيراً لدرجة أنهم لم يتمكّنوا من تجاهله في النهاية.

في العام الماضي، كتبت صحيفة "إنترناشيونال بيزنس تايمز" الأمريكية عن هذا الحدث: "لقد ذهب أكثر من 22 مليون زائر إلى كربلاء، وهو رقم قياسي، وفي أربعينية العام الماضي، وصل إلى العراق 17 مليون شخص، الأربعون هو أكبر تجمّع سنوي في العالم، وعدد المشاركين فيه هو أكثر بكثير من مليوني شخص يذهبون كل عام إلى الحج في مكة المكرمة."

كذلك اعترفت "بي بي سي" بالعدد المدهش للمشاركين في الأربعين، وقالت في تقرير لها: "سواء أكان ذلك بسبب اعتقاد ديني أم إعلاناً عن رسالة سياسية، فإن وجود ملايين المعزين في كربلاء قد لفت جميع الأنظار، والمراقبون قد يسألون عن رسالة عاشوراء، التي يقال إنها رفض الذل، وتأثيرها على حياة هؤلاء المعزين في العصر الراهن".

وبعبارة أخرى، إن مسيرة الأربعين هي أحد الأحداث التي يمكن أن توحِّد المسلمين.
من جهة أخرى، فإن مسيرة الأربعين الكبيرة لها تأثير قوي على التضامن وتوطيد أواصر الأخوة بين المؤمنين، كما أن تحويل الأربعين إلى احتفال عالمي من خلال نقل هذا الحدث إلى بلدان المنطقة، وكذلك حضور غير المسلمين في هذا الحدث الضخم، سيعطي أبعاداً جديدةً لهذا الحدث.

مثل هذا الطقس الديني يربط الزمان والمكان والفضاء ببعضها البعض، والسلوك الجماعي من خلال تقاسم العمل بين الضيوف والمضيفين، وكذلك الشعور المشترك لأداء الطقوس المشتركة والرمزية، يخلق ويعزز الشعور القوي بالانتماء الجماعي فيما بينهم.

وعلى الرغم من أن معظم الحاضرين هم من الشيعة والملتزمين بالإسلام الثوري، إلا أن نطاق هذا الحدث العظيم قد امتد الآن إلى أهل السنة وحتى غير المسلمين أيضاً، وخلق تضامناً كبيراً بين طالبي الروحانية ودعاة الحرية.

كما أن هذا الحدث الذي يحمل أبعاداً سياسيةً لا يمكن إنكارها، يتم على أساس الطقوس الدينية وذكرى ثورة سيد الشهداء(عليه السلام)، ويثبت بطريقة ما عولمة رسالة الثورة الإسلامية، التي تستند هي الأخرى على الطقوس الدينية لعاشوراء.
رقم : 822585
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم