0
الاثنين 21 تشرين الأول 2019 ساعة 09:18

هل يمکن الاصطياد في المياه العکرة اللبنانية هذه الأيام؟

هل يمکن الاصطياد في المياه العکرة اللبنانية هذه الأيام؟
 لا شك في أن التظاهرات الاجتماعية والاقتصادية للشعب اللبناني تتمحور حول تحسين الشؤون المعيشية ومکافحة الفساد إلا أن النقطة اللافتة في هذه التظاهرات هي طابعها السلمي وعدم لجوء المتظاهرين إلی العنف، ما يدل علی أن الشارع اللبناني ليس هو فحسب من لا يرغب في تکرار الأحداث السابقة في لبنان، وإنما السلطات اللبنانية أيضا لاترغب بذلك من خلال وصفها لهذه المظاهرات بالشرعية وتأييدها لمطالب الشعب وسعيها لتقديم حل ملائم ولائق.

وبالطبع في الأجواء اللبنانية الساخنة اليوم هناك أشخاص مثل "سمير جعجع" رئيس القوات اللبنانية الذي أعلن عن استقالة أربعة من وزرائه من الحکومة بغرض أن يحقق أهدافا أخری له کأخذ الثأر من منافسه القديم ميشال عون ولم يقصد بحركته ان يخطُو باتجاه تحسين الأوضاع. وينوي جعجع بالتحديد أن يعرقل الحرکات الإصلاحية ومطالب الإصلاحيين بغية الاصطياد في المياه العکرة العالقة لصالحه هو و تياره وهذا الأمر ليس بخاف علی الشعب اللبناني والمتظاهرين.

ورغم أن السيد حسن نصر الله أکد علی خلوص هذه التظاهرات وخلوها من التدخل الخارجي لکن يبدو أن وعي الشعب اللبناني وصحوته مازال أمرا أساسيا أمام احتمال رکوب الموجة من قبل الأجانب. والتصريحات المتقطعة وبالطبع المحدودة التي أطلقت خلال المظاهرات وبخاصة في اليومين الأخيرين ومفادها أن الحکومة يجب أن تحشد المسؤولين الفاسدين في فندق مثلما فعل بن سلمان وتحاسبهم هي بالضبط بوادر ومؤشرات علی هذه التحرکات الخفية.

ويبدو أن أکثر المتظاهرين مقتنعون بأن حل المشاکل والتغلب عليها إنما يكمن في عزيمة المسؤولين وإرادتهم في تقديم حلول للخروج من الأزمة السائدة ولا يکمن ذلك في استقالة الحکومة. تجربة حکومة تصريف الأعمال بدلا من حکومة منبثقة عن أصوات الشعب كانت لفترات طويلة مصدر أذية للشعب اللبناني، وبالطبع جزء من التأخر الخدمي والاقتصادي الذي يشکوه الناس هذه الأيام يعود الى هذه الفترة.

والنقطة الأخير في هذا الشأن هو لفت الانتباه إلی سياسة وسائل الاعلام السعودية في ما يتعلق بالمظاهرات الشعبية في لبنان. وبإمعان النظر في هذه السياسة وطريقة التعامل مع الاحداث يتبين لنا أن إغراء رئيس الوزراء الشرعي والقانوني بتقديم استقالته يتصدر اهتمامات وسائل الإعلام السعودية، الأمر الذي يهدف الى جرّ لبنان باتجاه حکومة تصريف أعمال واحتدام الأزمات فيه. حيث ان حکام السعودية منذ إصلاح الأمور واختيار حكومة في لبنان قبل ثلاثة أعوام ظلوا ومازالوا يسعون لتعريض هذا الاستقرار السياسي لتحديات جمة. وإن اختبار دفع رئيس الوزراء اللبناني الی الاستقالة خاصة وان السعودية قد جربت سابقا هذا الامر عندما احتجزت الحريري لديها ورغم أنها فشلت إلا ان ذلك لايمنع ان تستمر في المحاولة.
رقم : 823173
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم