0
الخميس 21 تشرين الثاني 2019 ساعة 15:29

برلمان الأردن يكرر 'إعادة النظر بوادي عربة'

برلمان الأردن يكرر
الموقف غريب، ففي الأردن مطالبة برلمانية ممجوجة بإعادة النظر باتفاقية وادي عربة، وهي مطالبة لم تغب أصلا عن برلمان البلاد منذ توقيع المعاهدة، بينما في الحكومة يقتصر التفاعل مع قرارات يراها كثر ذات تأثير قاسٍ على البلاد بإدانات وزير الخارجية أيمن الصفدي المكتوبة بين تويتر وبيانات الوزارة فقط.

مثل هذا التحرك يبدو شديد الخجل إزاء المصالح الأردنية المهددة، والتي عبر ويفعل عنها مفكرون وسياسيون منهم عدنان أبو عودة والذي كان طوال الوقت صاحب نظرية ان إسرائيل تغيّر “الوقائع على الأرض” وتستفيد من عامل الوقت الذي يلعب لصالحها.
التحرك خجِلٌ، خصوصاً مع غياب تصريحات من رئيس الحكومة الأردنية عمر الرزاز أو حتى الملك عبد الله الثاني تؤكد على نية أردنية فعلية في اتخاذ إجراءات كاللجوء لمحكمة الجنايات الدولية مثلا أو إعادة النظر بأي من الاتفاقيات مع الإسرائيليين أو في استدعاء السفير الإسرائيلي على الطريقة الدبلوماسية الناعمة.

حتى في الشارع يبدو وقع القرار باهتاً جداً، إذ لم تتحرك الفعاليات ولم تخرج المسيرات، رغم كل ما يؤكده قرارا الامريكان والإسرائيليون من مخاوف عن كون ما عرف بـ “صفقة القرن” يتم تنفيذه على الأرض ودون أي حاجة للإعلان، وأن الخطة الامريكية الإسرائيلية المشتركة تحمل في طياتها الكثير من “القضم” لأراضي الضفة الغربية وإفراغها من سكانها، وهنا حصرا سيتحمل الأردن التبعات.

طبعاً السيناريو المذكور يرتبط عضوياً بكون الأردن هو الأقرب ليكون الأنسب لاستقبال المُفرغين من الفلسطينيين بكل ما في ذلك من تفاصيل وتعقيدات، خاصة مع تجاهل أردني كبير للرجوع لورقة القوة بكون الضفة الغربية وبالدستور أراضٍ أردنية ويحق لعمان التحرك لاجلها وبالتالي الاشتباك مع التفاصيل قبل أن تتحول لمجرد متلقٍّ للقرارات الامريكية والإسرائيلية.

هنا لا تزال عمان ترى ان السلطة الفلسطينية قائمة وان الأخيرة تريد ان تتحمل عبء الضفة الغربية، رغم ان الحاصل فعليا هو انها لم تستطع ان تتحرك بأي شكل في أي قرار امريكي سابق بما في ذلك قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي منح الإسرائيليين القدس كعاصمة لهم رغم معارضة الأكثرية الساحقة من دول العالم.

السلطة الفلسطينية ضُيّق عليها أكثر عبر الإدارة الامريكية الحالية وتوقفت عنها المساعدات المادية وأغلقت مكاتبها هناك، وكل ما ورد لم يمهد الأرضية للسلطة الفلسطينية والأردن ومعهما مصر لتنسيق مواقف حاسمة وحقيقية تغيير هي الأخرى الوقائع على الأرض، وهو الامر الذي لا يزال يعيد الشعور للاردنيين- على الأقل- بأن بلادهم هنا تفضّل في خانه النعومة الدبلوماسية لا بل “الملس الدبلوماسي” الذي يعتمد فقط على منطوقات لا تسمن ولا تغني من جوع.

عمان، ورغم التضامن الذي تسببت به استعادة أراضي الباقورة والغمر من الإسرائيليين- يبدو انها تقرر حتى اللحظة البقاء في كرسي المتلقي للقرارات الامريكية والابتعاد عن أي تفاعل حقيقي معها، رغم تواجد ملك الأردن ووزير خارجيته في نيويورك والذي يتوقع ان يلقي خطابا يتطرق فيه للقرار الأمريكي بأي صورة.

بالمناسبة، وقبل زيارة الملك الأردني لنيويورك وفي لقائه العشائري، كانت ضمن جمل الحضور من قبيلة بني حسن مطالبات للملك باستغلال التضامن الشعبي والمضي قدماً في مواقفه في ملف القضية الفلسطينية تحديدا؛ وهذا ما استمعت اليه حرفيا “رأي اليوم” من شخصيات وازنة في الملف في عمان تحت عنوان الحاجة الكبيرة للاستثمار في التضامن الشعبي والموقف الموحد في القضية لصالح تغيير المعطيات على الأرض لصالح عمان.

حتى اللحظة تبدو النصيحة المذكورة غير مسموعة، ويبدو ان عمان تتنعّم أيضا في الدفاع عن مصالحها المؤكدة، والتي تتضرر بشدة خاصة في هذه المرحلة التي تزيح فيها واشنطن ملفين أساسيين من ملفات الحل النهائي عن طاولة المفاوضات هما القدس والمستوطنات، وستركز بالضرورة على ملفي اللاجئين والحدود والذين قد يتم انهاءهما ضمن قرارات أحادية أمريكية على الطريقة ذاتها وخلال اقل من سنة هي عمر إدارة ترامب الحالية، وفق مراقبين.

المصالح الأردنية بهذه الصورة ستكون كلها قيد العصف الأمريكي قريبا رغم الوعود باكمال المنحة الامريكية خلال الشهر الأخير من العام، ورغم كل ايحاءات بتحسن العلاقات الامريكية مع عمان وكذلك الخليجية.
رقم : 828315
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم