QR CodeQR Code

لماذا أعاد ترامب قضية ‘‘النفط السوري‘‘ إلى الواجهة من جديد؟

اسلام تایمز , 22 أيلول 2020 11:05

(اسلام تايمز) - لم تخف الإدارة الأمريكية طمعها بالنفط السوري إطلاقاً، وقد أثبتت ذلك على أرض الواقع، فجميع قواعدها التي نشرتها في سوريا والتي بلغ عددها 16 قاعدة باستثناء قاعدة "التنف" جميعها ملاصقة لآبار النفط، وعن طمعه بنفط الشرق الأوسط أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراراً عن أسفه لخروج واشنطن من بغداد خالية الوفاض، واستنكر التفريط في النفط العراقي؛ فغرد على تويتر في 2013 "ما زلت لا أصدق أننا غادرنا العراق دون النفط".


في 2016 أثناء لقائه مع مقدم البرامج التلفزيونية، مات لاور، قال ترمب "لقد قلت دائما خذوا النفط"، طالما أن هذه هي استراتيجية ترامب المعهودة، فلماذا أعلن يوم الجمعة الماضية، أن أمريكا قد تبحث موضوع الحقول النفطية شرق سوريا مع الأكراد، وأضاف خلال مؤتمر صحفي له، "لقد تمكنت من الحفاظ على النفط، ولدينا قوات تقوم بحراسة النفط، وإضافة إلى ذلك نحن خارج سوريا"، وتابع: "من الممكن أن نجري مناقشات مع الأكراد حول النفط، وسنرى كيف سينتهي ذلك، ثم سنغادر".

ترامب يقول انه سيغادر سوريا، وفي نفس الوقت لا يريد التخلي عن النفط، ما الذي يضمن لترامب بقاء النفط بيد الأكراد في حال غادر، وهل يسمح له البنتاغون بالمغادرة؟.
في الـ 6 من تشرين الأول الجاري، وبعد إعلان البيت الأبيض انسحاب القوات الأمريكية من الحدود السورية مع تركيا، قبل الهجوم التركي ضد الأهداف الكردية في الأراضي السورية، اتهم ترمب بالتخلي عن حلفائه الأكراد. ومن جانبها، وصفت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانسحاب بالطعنة الغادرة، ورشق سكان محليون السيارات الأمريكية بالفواكه الفاسدة.

برر ترمب قرار مغادرة الحدود السورية قائلاً إن القوات الكردية ليست ملائكة، وأضاف "إنها ليست حدودنا"، ووصف الصراع بأنه مثل شجار الأطفال. وغرد ترمب، حينها قائلًا "ربما حان الوقت للأكراد لبدء التوجه إلى منطقة النفط"، ولم يُفهم مراده على نحوٍ واضح.

إذا ماذا يريد ترامب من التلميح بالانسحاب مجدداً، هل الموضوع متعلق بإخافة الأكراد أم طعنهم في الظهر مجدداً أم نوع من البروباغندا قبل الانتخابات الأمريكية، لإيصال فكرة أن ترامب يريد حماية الجنود الأمريكيين من أي خطر محتمل، وأنه رجل سلام، وأنهى المهمة الملقاة على عاتقه في سوريا ويكون ذلك تتويجاً للتطبيع الذي يقوده في الشرق الأوسط، ولكن من يصدق الإدارة الأمريكية التي لم ترد الخير يوماً للشرق الأوسط، ولا تريده أن يهنأ بالسلام في حال مرّ بفترة هدوء تعود وتشعل النار والفوضى فيه، وهل يمكن لأحد أن يصدق أن واشنطن تريد إخلاء الساحة للروس؟.

أولاً: في رد فعل على النتائج الصادمة للحرب في العراق، كان من الطبيعي أن تقرر أمريكا مراجعة استراتيجيتها تجاه الشرق الأوسط، وأن تتوجّه لتخفيض دورها في المنطقة. لقد أظهرت نتائج الحرب والأثمان الباهظة التي تكبّدتها أمريكا تجاه عدم جدية إدارة جورج دبليو بوش في دراسة عامة للحرب وتقدير تكاليفها قبل دخولها، كما أنّها لم تدرس الصلة التي يفترض أن تربط ما بين القوى والوسائل المستعملة وبين الاستراتيجية المعتمدة، ومدى ملاءمتها للأهداف المنوي تحقيقها في نهاية الحرب، لم تُجرِ الإدارة الأمريكية لعقود عدّة أي بحث معمّق حول تكاليف العمليات العسكرية، أو تكلفة التعهّدات الأمنية والوجود العسكري اللازم للوفاء بتعهدات أمريكا لحماية أمن حلفائها، والتكاليف المرتقب تكبّدها إذا ما دعت التطوّرات إلى الدخول في عمل عسكري فعلي تنفيذًاً لهذه التعهّدات.

أجرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن مقارنة بين تكلفة الحروب في العراق وأفغانستان وسوريا، وبين تكلفة الحروب السابقة التي خاضتها أمريكا في القرن العشرين وجاءت النتيجة كالآتي: 5 مرات أعلى من تكلفة الحرب العالمية الأولى، 5 مرات أعلى من الحرب الكورية، مرتين ونصف أعلى من تكلفة حرب فيتنام، 18 مرة أعلى من حرب الخليج الأولى في العام 1991.

ثانياً: تراجع أهمية النفط في الشرق الأوسط لأمريكا، في ظل زيادة الإنتاج الأمريكي للنفط الصخري، وتطور تقنيات استخراجه، وتوقّع تراجع الطلب العام على النفط، لمراعاة الاتفاقات المتعلقة بالبيئة، وتخفيض مستوى الغازات المنبعثة من استهلاك النفط والفحم الحجري.

يضاف إلى ما سبق، تراجع إمكانية حصول حرب إقليمية واسعة بين الدول العربية وإسرائيل، بعد توقيع اتفاقيتَي تطبيع بين البحرين واسرائيل والامارات والصهاينة، وما سبقها من اتفاقيات كامب دافيد ووادي عربة بين إسرائيل وكل من مصر والأردن.

ثالثاً: وعلى المستوى الكردي، ما اتضح حتى الآن هو أن أمريكا لن تكون حليفاً موثوقاً به للأكراد، كما أن عدد القوات الأمريكية المتبقية في سوريا لا يتجاوز مئات عدة، وليس لديها أي أمر للمخاطرة بحياتهم، ولذلك، فإن وجودهم استعراضي، وبدلاً من أن يضمنوا أمن الأكراد، على القوات الكردية حمايتهم من الآن فصاعداً.

من ناحية أخرى، لا تستطيع أمريكا لا جيوسياسياً ولا سياسياً ضمان استخراج النفط وتصديره لقوات سوريا الديمقراطية، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله ترامب بالنسبة إليهم، هو حضور عدد قليل من الشركات الأجنبية لعقد اتفاقات معهم لاستخراج النفط، الأمر الذي يمكن للأكراد فعله مع الحكومة السورية أيضاً.

رابعاً: تدفع الحكومة السورية اليوم شهرياً أكثر من 200 مليون دولار ثمناً لاستيراد مشتقّات نفطية لا تكاد تكفيها، وهي التي حرمتها العقوبات الغربية، ومن ثم السيطرة الأمريكية على آبار النفط، من استثمار ثروتها النفطية والغازية الوطنية. لذلك في ظل هذه الضغوط التي تعيشها سوريا ستسارع لاسترداد مصادرها الحيوية للطاقة ولا نستبعد أن تتجه نحو آبار النفط في الفترة المقبلة.


رقم: 887720

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/news/887720/لماذا-أعاد-ترامب-قضية-النفط-السوري-إلى-الواجهة-جديد

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org