0
الاثنين 29 آذار 2021 ساعة 08:12

بمناسبة النصف من شعبان.. ما الفوائد المرجوة من الاعتقاد بالأمل الموعود؟

بمناسبة النصف من شعبان.. ما الفوائد المرجوة من الاعتقاد بالأمل الموعود؟
لعل البعض يتصور ان الاعتقاد بالمهدي من خصوصيات الشيعة، ولكن بقليل من الرصد لكتب الحديث وغيرها لدى مختلف الطوائف الاسلامية، نجد ان ذكر هذا المنقذ سواء بالاسم او بالصفة او بما سيفعله في آخر الزمان موجودة بكثرة في هذه الكتب.
وتؤكد هذه الأحاديث الشريفة على حتمية خروج رجل من أهل البيت (عليهم السلام) في آخر الزمان، ومن ولُد فاطمة (عليها السلام) تحديداً، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

ومن هذه الروايات والأحاديث ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «لا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى‏ يَقومَ قائِمٌ لِلَحقِّ مِنّا، وذلِكَ حينَ يَأذَنُ اللَّهُ عز وجل لَهُ، ومَن تَبِعَهُ نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنهُ هَلَكَ. اللَّهَ اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ، فَأتوهُ ولَو عَلَى الثَّلجِ، فَإِنَّهُ خَليفَةُ اللَّهِ عز وجل وخَليفَتي»[ عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 59 ح 230، دلائل الإمامة: ص 452 ح 428 كلاهما عن الحسن بن عبداللَّه الرازيّ عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام، كفاية الأثر: ص 106 عن أبي امامة نحوه، بحار الأنوار: ج 36 ص 322 ح 176]، وقوله (صلى الله عليه وآله): «لا تَقومُ السّاعَةُ حَتّى‏ يَلِيَ رَجُلٌ مِن أهلِ بَيتي يُواطِئُ اسمُهُ اسمي»[ مسند ابن حنبل: ج 2 ص 10 ح 3571، صحيح ابن حبّان: ج 15 ص 237 ح 6824، المعجم الكبير: ج 10 ص 133 ح 10214، موارد الظمآن: ص 464 ح 1878 كلّها عن ابن مسعود والثلاثة الأخيرة نحوه، كنز العمّال: ج 14 ص 271 ح 38692؛ كشف الغمّة: ج 3 ص 261 ح 19 عن ابن عمر نحوه.]، وعنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «فيَمْلؤها عَدلًا وقِسْطاً كما مُلِئتْ جَوراً وظُلماً، فلا تَمنَعُ السَّماءُ شَيئاً مِن قَطْرِها، ولا الأرضُ شَيئاً مِن نَباتِها»[ كنز العمّال: 38669].

وقد ألف المتقي الهندي (ت 975 ه‍) صاحب كتاب كنز العمال كتابا عنوانه (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) أورد فيه فتاوي المذاهب الأربعة في زمانهم وهم ابن حجر الهيثمي الشافعي وأحمد أبي السرور بن الصبا الحنفي، ومحمد بن محمد الخطابي المالكي، ويحيى بن محمد الحنبلي، وقال: (إن هؤلاء هم علماء أهل مكة وفقهاء الإسلام على المذاهب الأربعة، ومن راجع فتاواهم علم علم اليقين أنهم متفقون على تواتر أحاديث المهدي، وأن منكرها يجب أن ينال جزاءه، وصرحوا بوجوب ضربه وتأديبه وإهانته حتى يرجع إلى الحق رغم أنفه، - على حد تعبيرهم - وإلا فيهدرون دمه) (البرهان على علامات مهدي آخر الزمان ص 178 – 183).

والملاحظ من مجمل هذه الأحاديث اتفاق جميع المسلمين على بشارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخروج رجل من آل البيت في آخر الزمان، وأن الاختلاف وقع في التفاصيل التي لا تضر بجوهر الموضوع. 

والامر الآخر تؤكد الاحاديث لدى جميع المسلمين ان الامام المهدي سيملأ الارض قسطا وعدلا وليس مكانا محددا، ما يعني انه سيقوم بعملية اصلاح عالمية شاملة.

والجدير بالذكر ان العقيدة بالمخلص في آخر الزمان لا تنحصر بالمسلمين او بالشيعة منهم فقط، بل هي موجودة مع اختلاف بالتفاصيل لدى جميع الاديان والامم. فالإمام المهدي هو الأمل الموعود، وصوت الحق، ومنقذ البشرية، ومخلص الإنسانية، ومصلح الكون، ورائد العدالة الاجتماعية، وناشر الإسلام في كل أصقاع الدنيا.

لقد اكتنفت الاطروحة المهدوية الكثير من المحاضرات والمقالات والكتب والمؤلفات ولا يمكن استيعاب كل جوانب هذه الاطروحة في تقرير مختصر، ولكن سنكتفي بذكر أهم الفوائد المرجوة من الاعتقاد بالامل الموعود منقذ البشرية، فيما اذا تم توظيف الاطروحة والثقافة المهدوية بالشكل الايجابي بما يلي:

- إشاعة روح الأمل عند الأمة:

الاعتقاد بخروج الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في آخر الزمان سيبعث روح الأمل عند الأمة، ويشيع التفاؤل بأن التغير الإيجابي وإقامة العدل والحق والقسط سيتحقق على يد الحجة المنتظر عندما يأذن الله له بالخروج.

فكما اشرنا في بداية المقال، يخبر النبي الصادق المصدق صلى الله عليه وآله ان المهدي سيملأ الارض قسطا وعدلا، وهذا كاف لان يبقي شعلة الامل متقدة في روح الامة الاسلامية، خاصة ان بعض الاحاديث تؤكد انه لو لم يبق الا يوم واحد من عمر الدنيا لأطال الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من اهل البيت تجري الملاحم على يديه ويظهر الاسلام. اذن انه امر حتمي وليس مجرد امل موهوم.

وهذه الثقافة المهدوية تعطي للإنسان أملاً ورجاءً بحدوث التغيير في مقابل الإحباط واليأس الذي قد يصاب به بعض الناس نتيجة الخطوب والمدلهمات والمشاكل.

- تعزيز قيم الدين:

تقترن ليلة ولادة الامام المهدي بليلة مباركة وردت فيها احاديث مستفيضة في الفضل والاجر والعبادات ومختلف الاعمال التي تعزز القيم الدينية. من قبيل ان هذه الليلة تأتي في الاهمية بعد ليلة القدر، وانها يستحب احياؤها الى الفجر، بالذكر والدعاء والصلوات ومختلف الاعمال العبادية ولا بأس بالاحتفالات والسرور مع الحفاظ على روحانية هذه الليلة المباركة. فضلا عن القاء الآلاف من المحاضرات والبرامج الدينية التوعوية في هكذا ليالي والتي تساهم بشكل كبير في تعزيز قيم الدين وتعميق الاخلاق الفاضلة عن عامة الناس ارتكازا الى الثقافة المهدوية.

- تنمية الكفاءات العلمية:

من فوائد وثمار الثقافة المهدوية تنمية الكفاءات العلمية، وبناء الكوادر الرسالية حتى تكون مهيأة كي تصبح من أنصار وأصحاب الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

فالتغيير الذي سيقوم به الإمام الحجة المنتظر من إصلاح شامل وتغيير وجه العالم كله بحاجة إلى وجود كفاءات علمية وعملية، حتى تساهم في إملاء الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

فعلى سبيل المثال، تهتم الكوادر المؤمنة في ايران الاسلامية بتنمية الكفاءات العلمية والتقنية، على امل ان تكون ضمن الكوادر التي تساهم في بناء دولة الامام المهدي، لأن كل دولة وخاصة دولة بهذا الشمول العالمي تحتاج الى كوادر في مختلف الكفاءات والتخصصات. والحمد لله قطعت ايران الاسلامية شوطا كبيرا في هذا المضمار ومازال امامها الكثير لتحققه وهي ماضية في تحقيقه بعزم واخلاص.

وحري بكل فرد يؤمن بالبشارة النبوية بخروج الامام المهدي، والذي قد يخرج في اي يوم، ان يهيئ نفسه لهذا الخروج سواء من الناحية النفسية او العلمية او سائر الجوانب ليكون على مستوى هذا الحدث العالمي الأهم. 
وهذا يعني أن من يريد أن يكون من أصحاب الإمام القائم عليه أن يستعد للمستقبل بتنمية كفاءاته وقدراته ومواهبه ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في صناعة التغيير المستقبلي للأمة والمجتمع والعالم كله.

- تعزيز روح التكافل الاجتماعي:

نجد في العالم الاسلامي الكثير من المؤسسات الخيرية والخدمية تحمل اسم الامام المهدي وتتبرك به، وتقوم بتقديم خدمات اجتماعية سواء تكفل بالايتام او الارامل او الفقراء والمحرومين وهذه كلها من آثار الاعتقاد بالامام المهدي والثقافة المهدوية.
رقم : 924026
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم