QR CodeQR Code

استياء وغضب في العراق .. من يقف وراء مؤتمر أربيل التطبيعي ولماذا الان؟

زهراء احمد- اسلام تايمز

إسلام تايمز , 27 أيلول 2021 08:31

اسلام تايمز (خاص) - اندفاع بعض الدول العربية للتطبيع مع كيان الإحتلال الإسرائيلي في هذا التوقيت، يأتي ذلك على حساب القضية الفلسطينية خصوصاً وان الوضع في الأراضي المحتلة كارثي جداً، منذ انطلاق انتفاضة باب العامود إلى قضية الشيخ جراح وما تلاها من عمليات عسكرية من قبل المقاومة الفلسطينية.


لذلك نجد ان مقدمة التطبيع العربي في العصر الحالي كانت مع بداية رئاسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي كان يعتبر أن مشروعه الذي سمي "صفقة القرن" يبدأ بتطبيع دول عربية هي أصلاً مطبعة في الخفاء، ولديها تنسيق أمني مسبق مع الصهاينة، والخطوة الثانية كانت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والتي شكلت نقطة حساسة وصدمة كبيرة للشعب الفلسطيني، وسط صمت مطبق وتصريحات عربية خجولة بإستثناء دول المحور المقاوم، وإقامة وطن بديل لللاجئين الفلسطينيين مقابل مبالغ ومساعدات مادية ضخمة لمن يدخل في الصفقة، وخصوصاً الأطراف الفاعلة فيها.

فكلما كان الدور أكبر كانت المكافأة أكبر من استثمارات وتسهيلات، وعلى العكس من يخالف هذه الصفقة فإن إدارة البيت الأبيض ستتخذ ضده إجراءات رادعة وعقوبات اقتصادية، وهذا ما نراه جلياً ضد دول وشركات وكيانات وشخصيات في المحور الممانع .

ما حصل في أربيل هو عبارة عن محاكاة لمقدمة التطبيع الذي تسعى له أطراف معروفة وواضحة ومؤثرة في العملية السياسية العراقية، وهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان ولا زال يعتبر العلاقة مع كيان الاحتلال الاسرائيلي مشروعة ولا يعتبرها خيانة، وهذا طبعاً بسبب العلاقة التاريخية الوطيدة بينهم وبين الصهاينة منذ أيام ”الملا مصطفى البرزاني“ ولا زال لحد هذه اللحظة تنسيق أمني مع الموساد الإسرائيلي، والذي يمتلك مقراً له في أربيل، وإن لم يكن يأخذ الطابع الرسمي لكنه موجود بصورة شبه علنية، وبعلم وموافقة القوى الكردية، وقد تم استهدافه أكثر من مرة من قبل المقاومة العراقية.

لذلك فإن العلاقات الكردية- الاسرائيلية كانت ولا زالت عقداً شرعياً لا ينقصه إلا الإشهار .

وتابعت وسائل الإعلام الردود الحكومية والشعبية وكان أبرزها رد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حيث وصف الإجتماعات "بأنها غير قانونية". وأضاف البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء إن "طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية". وكان الأجدر بما قام به القضاء الأعلى بإصدار مذكرات قبض بحق المشاركين والمشرفين على هذا المؤتمر، خصوصاً وان هناك مواداً في القانون العراقي تعتبر ”الترويج لأي شكل من أشكال العلاقات مع العدو الاسرائيلي جريمة تصل عقوبتها الى الاعدام“ .

حكومة إقليم كردستان كان ردها كوميدياً ، حيث صرحت بأنه ليس لديها علم مسبق بهذا المؤتمر وأنه عُقد من دون علم وموافقة ومشاركة حكومة الإقليم، وأنه لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف حكومة إقليم كردستان". إلا أن الإقليم يتخذ موقفاً حيال إسرائيل يختلف عن ذلك الذي تتبناه الحكومة العراقية الرافضة للتطبيع. فخلال العقود الأخيرة، زار العديد من قادة كردستان العراق إسرائيل، ودعا السياسيون الأكراد علانية إلى التطبيع مع العدو الاسرائيلي، والمفارقة أن ”فندق ديفان“ الذي عقد فيه المؤتمر في أربيل هو ملك لأحد أبناء الزعماء الأكراد، وقد تخلله كلمة عبر الإنترنت لسيناتور أمريكي يشرح فيها فضائل السلام مع الاسرائيلين، وبتنسيق أمني عالي المستوى.

وتحدثت مصادر عن مشاركة سفير إماراتي بأحد الدول الاسيوية وثلاث شخصيات يهودية من أصول عربية يحملون الجنسية الإسرائيلية. المؤتمر الذي ضم عدداً من الشخصيات العشائرية والسياسية السنية الغير معتد بها، لأننا لو قمنا بقراءة مفصلة للشخصيات المشاركة في هذا المؤتمر سنجدها شخصيات هامشية من أشباه السياسيين وشيوخ لا يوجد لديهم أي ثقل اجتماعي ممن يقتاتون على فتات الموائد ويسعون وراء كسب المصالح الشخصية أو كسب مكانة اجتماعية.

العراق لن ينزلق نحو هاوية التطبيع لأن الشعب العراقي يؤمن بأن موقفه من العدو الاسرائيلي ليس مشكلة أو أزمة حدثت بين دولتين قابلة للحل والحوار والمصالحة، بل إن الموقف من الكيان المحتل موقف وجودي ينطلق من ثوابت وطنية مع عدو يشكل وجوده سرطان في قلب الأمة العربية والإسلامية، وان المؤيدين للتطبيع هم وأمثالهم يروجون للشباب العربي أن كل أزماتهم ستنتهي بمجرد إقامة علاقات مع العدو الاسرائيلي معتمدين على محدودية الأفق للبعض ومستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي لترويج هذه الأفكار المسمومة، في حين أن أي شخص عاقل ممكن أن يرى حال الدول المطبعة والتي تعتبرهم اسرائيل اتباع لها، ولا تتعامل معهم معاملة الشريك، ولا تبادلهم الاحترام ولا تعتبرهم نداً لها لأنها تعتبر ان من يطبع معها ليس سوى تابع ذليل لأنها بقوتها وغطرستها أجبرت قادة الدول العربية والتي كانت دول مواجهة للعدو على فرض التطبيع.

وفي أكثر من موقف كانت تكشف عن حقيقة وجهها للدول المطبعة معها من خلال عمليات الموساد الإرهابية على أرض المطبعين. مؤتمر أربيل كان في الحقيقة لجس نبض الشارع العراقي ودراسة ردود أفعاله، ومن خلاله سيتم وضع استراتيجية جديدة تمهد للدخول إلى الخطوة الثانية من الحرب الناعمة، والضغط الاقتصادي وسياسة الافقار والتجويع، وتقديم الدعم إلى حاملي مشروع التطبيع في حملاتهم الانتخابية، وتهيئة الأجواء المناسبة لوصول هذه العناصر إلى مراكز حساسة في الدولة العراقية. لذلك على القوى الوطنية في العراق التصدي لهذا التوجه ووأده قبل ولادته، لأنه سيجلب الويلات للشعب العراقي، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني بالعودة وعدالة قضيته واعتبارها قضية مركزية ومواجهة الهجمة الاعلامية التي تشوه الحقائق وترسخ مفاهيم خاطئة في مخيلة الشباب، والتي تعتبرهم العنصر الأكثر تاثيراً في الشارع وتقوم باستخدامهم كمقدمة لخلق بيئة مناسبة لتمرير التطبيع مع العدو الإسرائيلي.


رقم: 955942

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/news/955942/استياء-وغضب-في-العراق-يقف-وراء-مؤتمر-أربيل-التطبيعي-ولماذا-الان

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org