0
السبت 27 كانون الثاني 2024 ساعة 09:15

"قائمة الإرهاب".. الطلقة الأخيرة في جعبة أمريكا ضد "أنصار الله"

"قائمة الإرهاب".. الطلقة الأخيرة في جعبة أمريكا ضد "أنصار الله"
ولذلك، أعلن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، مساء الأربعاء الماضي، أن واشنطن أعادت جماعة أنصار الله إلى قائمة ما تسمى المنظمات "الإرهابية"، وزعم، أن واشنطن تريد إجبار الحوثيين على عدم الاستمرار في مهاجمة السفن الصهيونية في البحر الاحمر.

وأعلن أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، أن واشنطن أدرجت أنصار الله مرة أخرى في قائمتها للإرهابيين، وسيدخل هذا القرار حيز التنفيذ بعد 30 يوما، ودون الإشارة إلى مواقف قيادات أنصار الله التي أعلنت أنها نصرة لشعب فلسطين المظلوم لن تفعل سوى عرقلة حركة السفن المتجهة إلى الأراضي المحتلة، ولا علاقة لها بالسفن الأخرى، وقال: " شن الحوثيون هجمات غير مسبوقة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كما فعلوا ضد القوات المتمركزة في المنطقة".

وفي الأشهر الأخيرة، زعمت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا أن أنصار الله يشكلون تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين، وطالبت العالم بمواجهة العمليات الصاروخية لهذه الحركة في البحر الأحمر، إلا أن جهود البيت الأبيض لتشكيل قوة عسكرية تحت عنوان "تحالف الحرس البحري" فشلت بسبب عدم قبولها من قبل الدول الأخرى، وأخيراً شنت هذه الدولة مع إنجلترا هجمات على صنعاء.

إن قرار البيت الأبيض بشأن أنصار الله ليس بالأمر الجديد وله سابقة، وفي أواخر عام 2020، قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بوضع جماعة أنصار الله على القائمة السوداء للإرهاب، وقتها طالبت العديد من منظمات الإغاثة النشطة في اليمن الحكومة الأمريكية بالانسحاب من هذا القرار، وألغى الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا القرار بعد وصوله إلى السلطة في كانون الثاني/يناير 2021، وقال نيدبرايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إن هدف إدارة بايدن من هذا الإجراء هو تقليل العواقب الإنسانية للعقوبات "الإرهابية" على أنصار الله.

إصرار أنصار الله على دعم غزة

القرار الأمريكي الجديد لم يولّد الخوف في قلوب قادة أنصار الله فحسب، بل أعلنوا أن هذا القرار دليل على شرعية عمليتهم، وردا على القرار الأمريكي قال المكتب السياسي لأنصار الله إن "اليمن يعيش تحت حصار واشنطن منذ سنوات ومن السخافة أن يطلق على حكومة لقب الإرهابي، ويعتبر هذا الإجراء محاولة من أمريكا لتضليل العالم وتشويه سمعة أنصار الله والشعب اليمني"، وأكد أنصار الله: أن "التصرف الأمريكي تجاه أنصار الله بمثابة وسام الشرف بسبب دعمه للشعب الفلسطيني"، وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم أنصار الله في حديث للجزيرة: "أمريكا تسعى لتحقيق أهداف سياسية من مسألة وضع اسمنا على قائمة الإرهاب، إن ما قمنا به في البحر الأحمر كان بمثابة نوع من الضغط لوقف الحرب في غزة، وهذا التصرف الأمريكي لا يزيدنا إلا التزاما بموقفنا الداعم للفلسطينيين".

كما أكد عارف العامري المتحدث الرسمي باسم تحالف القوى المناهضة للعدوان والأحزاب السياسية في اليمن، أن السلطات اليمنية في صنعاء لا تهتم بالقرارات الصادرة عن حكومة واشنطن بوضعها على القائمة الأمريكية، والتنظيمات الإرهابية مرة أخرى، لأن الولايات المتحدة تعاملت مع مثل هذه القرارات في الماضي وفي المستقبل حاولت ابتزاز صنعاء، وقال حزام الأسد عضو المكتب السياسي لأنصار الله: إن "السفن الأمريكية سواء الطرادات أو السفن التجارية وكذلك المصالح الأمريكية هي ضمن نطاق أهداف قواتنا وخاصة أن حق الرد محفوظ في القوانين الدولية والقوانين الإنسانية، ولكل دولة الحق في الدفاع عن سيادة بلاده"، وقال الأسد: "أمريكا ارتكبت جريمة كبرى بانتهاك سيادة اليمن وقصف بعض المناطق اليمنية بالتواطؤ مع إنجلترا، ويجب معاقبتها والرد عليها". ومن خلال تبني هذه المواقف والترتيب لشن هجمات صاروخية على السفن الصهيونية والأمريكية في البحر الأحمر، يظهر قادة صنعاء أنهم مستعدون لأي سيناريو، ومثل هذه التصرفات ستثير غضب اليمنيين الذين وقفوا في وجه التحالف السعودي المسلح لمدة 9 سنوات مع الحد الأدنى من المعدات التي فعلوها، ولن تجبرهم على التراجع.

عواقب القرار الأمريكي

إن إعادة إدراج أنصار الله على قائمة الإرهاب الأمريكية في الوضع الحالي حيث تحولت المنطقة إلى برميل بارود يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة وحلفائها، وبما أن أنصار الله حذروا دائما من أن تصرفات أمريكا والكيان الصهيوني لن تمنعهم من دعم الشعب الفلسطيني المظلوم، وطالما استمرت الحرب في غزة، فإنهم سيواصلون عملياتهم، لذلك بقرار البيت الأبيض، التوترات في المنطقة وخاصة البحر الأحمر سوف ترتفع، وفي هذا الصدد، يرى بعض المحللين العرب أن القرار الأمريكي الجديد هو إجراء متوتر وغير مجدٍ ولا يؤدي إلا إلى تهديد السلام في المنطقة، وقال رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية عتيق جار الله، إن “واشنطن أضرت بمصداقيتها في مسألة تصنيف الجماعات الإرهابية وأثبتت أنه ليس لديها معايير حقيقية وقانونية في هذا المجال، ولا يعني هذا الإجراء أن كل مجموعة تضعها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب هي إرهابية، لأن معايير الحكومة الأمريكية غير مكتملة".

كما يرى جار الله: "أن هذا القرار سيؤثر أيضاً على مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنية والسعودية، وفي حال إدراج هذه الجماعة على قائمة الإرهاب فإن المحادثات ستتوقف، ما يعني أن الصراع في اليمن قد يستمر لفترة أطول من الوقت"، وتجدر الإشارة إلى أنه منذ أبريل من العام الماضي، عندما تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بين اليمن والسعودية لمدة ستة أشهر واستؤنفت المفاوضات السياسية بعد ذلك، كما تراجعت الصراعات إلى حد كبير وعقد الجانبان عدة اجتماعات لإيجاد حل لإنهاء الحرب وإحلال السلام، لكن الترويج للحرب من جانب واشنطن يمكن أن يعطل هذا المسار، ولهذا السبب لم يشارك السعوديون في التحالف البحري ضد اليمن، بل طالبوا بضبط التوتر في البحر الأحمر.

إن ما تحقق في المفاوضات الأخيرة بين صنعاء والرياض يشكل نقطة محورية ترتكز على حقائق سياسية وميدانية لا تقبل التراجع، لأن صنعاء لم تظهر نفسها على أنها جيدة في رفع الحصار وإنهاء الحرب، لكنه في الوقت نفسه خيار عسكري مطروح أيضا على الطاولة لمعاقبة الأعداء في حال عودة التوترات، وستدفع واشنطن حتما قادة صنعاء في هذا الاتجاه، وفي استمرار لحديثه، عدّد الجارالله تفاقم الوضع الإنساني المتردي في اليمن كأحد تبعات القرار الأمريكي، وأكد: "إن هذا الإجراء ستكون له آثار وعواقب على مستوى الشعب ومعيشة اليمنيين، وهو ما يدل على مدى خطورة القرار الأمريكي، وستكون له آثار اقتصادية سلبية، سواء بسبب إدراج أنصار الله على قائمة الإرهاب بسبب عملياتهم في البحر الأحمر أو الهجمات الأمريكية على اليمن".

كما تحدث أحمد فوزي، صحفي يمني، عن تبعات القرار الخطير للولايات المتحدة: "هذا القرار لم يكن مفاجئاً، وخاصة أن الولايات المتحدة استخدمت سياسة "العصا والجزرة" بعد تلقيها رسائل عبر السلطنة"، وأعربت عمان عن استعدادها لحل القضايا اليمنية المتعلقة بعملية السلام، ويرى فوزي أن "القرار الأمريكي لن يؤثر على استمرار عمليات أنصار الله ضد المصالح الصهيونية في البحر الأحمر، سواء داخل اليمن أو في العالم العربي، وعلى المستوى الدولي، والتي فشلت في وقف حرب غزة"، وقال عن تداعيات هذا القرار والتوتر الحالي في المنطقة: "الآن كل السيناريوهات مفتوحة لتوسيع الحرب في الداخل وفي المنطقة وعلى الساحة الدولية، وتؤثر بشكل مباشر على عملية السلام بين الأطراف اليمنية والمملكة العربية السعودية".

وقال الدبلوماسي والناشط الإعلامي اليمني علي الزهري في حديث خاص لموقع الخندق: "هذا الإجراء ذو ​​خلفيات سياسية ولا يتوافق مع أي منطق قانوني أو تعريف محدد للإرهاب"، نحن ننظر إلى السياق والزمن ونعلم أن قرار واشنطن بإثناء اليمن عن دعم أهل غزة وفلسطين هو سلوك بائس وعديم الفائدة، ويزعم مسؤولو البيت الأبيض أنهم سيتخذون أي إجراء ضد أنصار الله من أجل الدفاع عن مصالح الأمم، لكن المؤكد هو أن كل جهود واشنطن تبذل لضمان سلامة السفن الصهيونية في البحر الأحمر ومرورها الآمن عبر مضيق باب المندب، وحدث أن العديد من الدول، بما في ذلك الحلفاء الغربيون، رفض المشاركة في التحالف البحري الأمريكي.

فكما أن الهجمات الأمريكية والبريطانية الأخيرة على اليمن لم تجبر أنصار الله على التراجع، وتزايد نطاق الهجمات على السفن الأمريكية والصهيونية، فإن وضع هذا الحراك الشعبي على قائمة الإرهاب سيكون له نتيجة عكسية، ولذلك، في المستقبل، سيزداد مستوى التوترات بين فصائل المقاومة مع أمريكا والكيان الصهيوني، وسيواصل أنصار الله عملياتهم ضد مصالح أمريكا والكيان الصهيوني في البحر الأحمر، بشكل أكثر إصرارا من ذي قبل، وسيكون دخان هذا المروج للحرب أكثر وضوحا في أعين الجبهة الغربية، وسيقال إنهم بدلا من تخفيف التوتر صبوا البنزين على النار.
رقم : 1111845
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم