0
الاثنين 4 آذار 2024 ساعة 08:39

الكيان واستراتيجية محو غزة وإبادة شعبها

الكيان واستراتيجية محو غزة وإبادة شعبها
الكيان يريد الفوضى

لا ينبغي اعتبار هذه المأساة حادثة معزولة، بل على العكس، تكشف هذه المأساة ما تحاول "إسرائيل" فعله في غزة، أي إطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس، وبعد أن سحق الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي شريطا ضيقا من الأرض وحولها إلى أنقاض بتكلفة باهظة، وتشمل هذه الخطة أيضا تدمير أدنى شكل إداري، كما أن محاولة القضاء على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تلعب دورًا مهمًا في غزة جزء من هذه الخطة، تتجلى هذه المحاولة الإسرائيلية في رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العنيد الانصياع لرغبات الرئيس الأمريكي جو بايدن والاعتراف بسلطة فلسطينية "متجددة" لتحل محل حماس، وبالتالي "إسرائيل" تريد الفوضى.

من ناحية ثانية، إن الحلفاء العبريين، بدءًا من الولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك الدول الأوروبية، يمكن أن يكونوا شركاء إذا استمروا في تمويل بقاء المنطقة المهددة بالخطر الآن، دون أن يطلبوا أي شيء في المقابل، بما في ذلك الحفاظ على الوضع الراهن في الضفة الغربية التي أفسدتها المستوطنات الإسرائيلية، وعلى العكس من ذلك، يمكن أن يتخذوا قرارًا بإرساء بدايات توازن القوى إذا ما اقتنعوا بأن حماية المدنيين على الأرض التي لا تستطيع "إسرائيل" المطالبة بحقوق معترف بها دوليًا فيها شرط أساسي لأي احتمال سياسي.

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أكد العالم على ضرورة الوقف الفوري والشامل والمستدام للحرب الإسرائيلية على غزة، حيث أشار كبار المسؤولين في دول عدة إلى استمرار القصف الإسرائيلي العشوائي للمنشآت المدنية وخاصة المستشفيات والمدارس ودور العبادة مع التأكيد على موقف حماية المدنيين وعدم استهدافهم في ظل الوضع الراهن، وأهمية تسهيل إيصال كميات كافية من المساعدات الإنسانية لسكان غزة وحماية الفلسطينيين من التهجير، مع ضرورة وضع الأسس السياسية للمساهمة في حل المأساة الفلسطينية.

الحقيقة تكشف عن تهديد حقيقي بحدوث مجاعة في قطاع غزة، بسبب انقطاع التمويل الدولي لدعم المنظمات التي تساعد الفلسطينيين، حيث لم يؤثر نقص التمويل على برنامج الغذاء العالمي فحسب، بل على جميع منظمات الإغاثة الإنسانية في البلاد وحذر من أن الأزمة المالية المستمرة قد يكون لها تداعيات خطيرة مع تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع، وما لا شك فيه أن الظروف المعيشية الصعبة في قطاع غزة ترجع إلى عدة عوامل رئيسية فالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال فرض قيوداً على حركة البضائع والأفراد، ومنع العديد من السكان من السفر إلى الخارج أو العمل أو الدراسة، كما أن هناك نقصاً حاداً في الموارد الأساسية في قطاع غزة، مثل الغذاء ومياه الشرب والكهرباء، ما يزيد من معاناة الفلسطينيين، ويتزايد الاعتماد على توفير الوسائل الأساسية لكسب الرزق في ظل ظروف صعبة، إلا أن الوضع المعقد يجعل هذا الأمر صعبًا للغاية، وفيما يتعلق بقطاعي الصحة والتعليم، فإن البنية التحتية في غزة في حالة سيئة، ما يؤثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض ويقلل من فرص التعليم.

ويدرك المجتمع الدولي الوضع الإنساني الصعب في غزة، إلا أن القيود الأمنية والسياسية التي تفرضها قوات الاحتلال تجعل من الصعب جداً وصول المساعدات الدولية إلى القطاع، ومع ذلك، فإن تحسين الظروف المعيشية الصعبة في غزة يجب أن يكون من أولويات المجتمع الدولي والدول العربية، كما فعلت مصر والأردن مؤخراً، ويجب بذل جهود مشتركة من قبل الجميع للتخفيف من معاناة سكان غزة وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية اللازمة، ويجب أن يشمل هذا الجهد المشترك أيضاً معاقبة الجناة من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم يضمن الاستقرار والسلام في جميع أنحاء المنطقة.

غزة والمأساة الإنسانية

تعتبر قضية نقص المساعدات الدولية والعربية في قطاع غزة من أهم القضايا التي تؤثر على حياة السكان في ظل الحصار والقصف والاجتياح من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ويتضح التأثير السلبي لهذا النقص على الوضع المعيشي والإنساني في غزة بشكل مباشر، ويشمل هذا النقص النقص الحاد في السلع الأساسية كالغذاء والماء والأدوية والوقود والمواد الخام اللازمة للحياة اليومية، ما يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة السكان وصحتهم، كما أنه يتسبب في زيادة الفقر والبطالة في قطاع غزة، حيث تصبح الفرص الاقتصادية محدودة للغاية ويصعب تحقيقها، بسبب الحصار والقصف الإسرائيلي.

ونتيجة لذلك، يؤثر هذا الوضع على صحة الأفراد وتغذيتهم، ولا سيما الأطفال وكبار السن، كما يؤدي نقص الدعم أيضاً إلى تعطل المدارس والمستشفيات، ما يؤثر على مستوى التعليم والرعاية الصحية المقدمة لسكان غزة، وسيؤدي انقطاع المساعدات إلى زيادة حادة في التحديات الإنسانية وقد يؤدي إلى انهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية في المنطقة، وتنبع كل هذه الآثار السلبية الحادة من نقص الدعم، وهي مشكلة متجذرة في آثار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عقود، ما يجعل من الصعب للغاية على السكان في قطاع غزة التعامل مع آثار الحصار.

أيضا، هناك حاجة إلى تضافر الجهود والالتزام الجاد من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للمساهمة في حل هذه الأزمة الإنسانية، ويمكن وصف الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" اليوم على قطاع غزة، وهي سياسة قديمة وقذرة تفرضها تل أبيب منذ ما يقارب العقدين من الزمن، بأنه نوع آخر من الإبادة الجماعية، وهو عقاب جماعي متعمد يهدف إلى التحكم في حركة الأشخاص والبضائع والخدمات من وإلى قطاع غزة، كما يشمل الحصار البحري.

ويأتي الحصار والقصف الذي تفرضه قوات العدو على قطاع غزة ضمن أهداف وأسباب متعددة، منها ادعاء "إسرائيل" أن الهدف هو مواجهة الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فيما يرى العالم أن الحرب والحصار يستخدمان كوسيلة لفرض عقوبة القتل والإعدام الجماعي، دون الأخذ بعين الاعتبار العواقب الإنسانية الوخيمة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، وإن مقاطعة الكيان ومحاسبته هي التأثير الأمثل وخاصة أن للحرب الإسرائيلية على غزة تأثير مدمر على الحياة اليومية للمواطنين في القطاع المنهك، والتي تترافق مع انتشار الأمراض والفقر والجوع.
رقم : 1120132
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم