0
الأربعاء 8 أيار 2024 ساعة 13:17

أهداف الهجوم الإسرائيلي على رفح وتوقيته؟

أهداف الهجوم الإسرائيلي على رفح وتوقيته؟
أهداف الهجوم الإسرائيلي

تأتي هذه الأحداث في سياق مناورات دبلوماسية معقدة، حيث يبحث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن وسيلة لوقف الصراع والاضطرابات في غزة، وفي ظل تباين الآراء بين الأطراف المتصارعة بشأن شروط وقف إطلاق النار، تبقى جهود التوصل إلى اتفاق متعثرة، من جانبها، تجد "إسرائيل" نفسها مضطرة للتعامل مع ضغوط دولية متزايدة، حيث تجددت دعوات واشنطن لضمان حماية المدنيين في رفح وتجنب غزو عسكري دون خطة إنسانية واضحة، ورغم التوترات الدبلوماسية، فإن الاحتلال يؤكد استمراره في عملياتها العسكرية بأهداف متعددة وخبيثة.

ومن المهم أن تأخذ الأطراف الفاعلة في النزاع في الاعتبار الآثار الإنسانية لأي تصعيد عسكري، وتعمل بجد على وقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات وخاصة بعد إبداء حماس موافقتها على وقف إطلاق النار، ولا ينبغي أن يكون المدنيون الأبرياء هم ثمن التصعيد الصهيوني، وعلى الجميع أن يبذلوا جهوداً حقيقية لردع تل أبيب ومنعها من نشر عدم الاستقرار في المنطقة.

وفي ظل تزايد التساؤلات حول أهداف الهجوم الإسرائيلي على منطقة رفح في قطاع غزة، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه حماس موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار، يُعَدّ هذا التوقيت مثيرًا للاهتمام، حيث تأتي الهجمات الإسرائيلية بينما يجري التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه العمليات العسكرية، ومن المرجح أن تكون أهداف الهجوم الإسرائيلي على رفح متعلقة بزيادة الضغط على الفلسطينيين وتحقيق أهداف استراتيجية متعددة.

وقد تكون الهجمات الجوية جزءًا من استراتيجية لزيادة الضغط العسكري بهدف تحقيق مكاسب عسكرية بعد الفشل الإستراتيجي أو تغيير توازن القوى على الأرض، كما يمكن أن تكون الهجمات الإسرائيلية جزءًا من سعي الاحتلال لتحقيق أهداف سياسية، مثل زيادة الضغط على حماس للموافقة على شروط محددة، وربما تكون الهجمات الجوية جزءًا من استراتيجية الاحتلال الفاشلة لتأكيد قدرتها العسكرية والتأكيد على جاهزيتها لاستخدام القوة العسكرية في المنطقة، ما يعزز موقفها التفاوضي المهزوز أمام العالم.

أيضا، إن الهجمات الإسرائيلية مصممة أيضًا على تشتيت الانتباه عن جهود التفاوض على وقف إطلاق النار، ما يعطي الكيان مساحة لتنفيذ أهدافها العسكرية دون تدخل دولي، على الرغم من أن الأهداف الدقيقة للهجمات الإسرائيلية لم تُعلن رسميًا، إلا أن التوقيت المتزامن مع موافقة حماس على وقف إطلاق النار يثير استفسارات حول دوافع هذه العمليات العسكرية، وتظل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والحاجة إلى حل سياسي شامل تحت ضغط مستمر، ويظل الحوار والدبلوماسية الطريق الأكثر فاعلية لإيجاد حلول لهذا الصراع المستمر، لكن الكيان لا يرغب بالسلام وقد أدركت جميع الدول ذلك.

تداعيات خطيرة

باحتلال معبر رفح البري مع مصر، قامت تل أبيب بتشديد قبضتها الثقيلة على قطاع غزة، ما أدى إلى عزله تمامًا عن العالم الخارجي، فقد حرمت المرضى والجرحى من السفر للعلاج، وعرقلت تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية، ما أسهم في تفاقم الوضع الإنساني المتدهور جراء الحرب المستمرة منذ 7 أشهر، وفي أحدث التطورات، دهمت دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية، معبر رفح البري الواقع في جنوب شرق مدينة رفح والمتاخم للحدود مع مصر، جاء ذلك بعد ساعات من إنذارات إسرائيلية لسكان أحياء ومناطق شرق المدينة بضرورة مغادرة منازلهم، وهي إشارة إلى احتمالية عملية عسكرية برية.

وأظهرت مقاطع فيديو بثها الجيش الإسرائيلي، دبابات وآليات عسكرية ترفع العلم الإسرائيلي وتجوب ساحات معبر رفح، بالتزامن مع محاذاة محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وهو مشهد غير مسبوق منذ انسحاب "إسرائيل" من المعبر والمستوطنات في قطاع غزة في عام 2005، وأدركت الهيئات المحلية والدولية أن احتلال معبر رفح وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع قطاع غزة يعتبر تعميقًا للكوارث الإنسانية والصحية التي يعاني منها القطاع الساحلي الصغير منذ بداية الحرب الإسرائيلية بعد هجوم أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

ويُعَدّ معبر رفح البوابة الوحيدة للتنقل والسفر خارج غزة عبر الأراضي المصرية، بينما يعتبر معبر كرم أبو سالم المعبر التجاري الوحيد المتبقي بعد إغلاق الاحتلال لستة معابر أخرى كانت تربط القطاع بها، تم فرض الحصار على قطاع غزة بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في عام 2006، وتشير تقديرات رسمية إلى أن 11 ألفا من جرحى الحرب الإسرائيلية، و10 آلاف مريض بالسرطان، بحاجة ماسة للسفر من أجل تلقي علاج منقذ للحياة بالخارج، بعدما عمدت قوات الاحتلال إلى تدمير ممنهج للمستشفيات، بما فيها مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي الوحيد الخاص بمرضى السرطان.

وتأتي هذه التطورات في شرق رفح، إثر إعلان جيش الاحتلال عن مقتل 3 من جنوده من لواءي "غفعاتي" و"ناحال"، وإصابة 12 آخرين في قصف صاروخي تبنته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، الأحد الماضي، واستهدف قاعدة عسكرية في محيط معبر كرم أبو سالم جنوب شرق المدينة، وعقب هذه العملية أغلقت قوات الاحتلال معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد المتاخم لمعبر رفح، ومنعت مرور شاحنات البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية.

ولذلك، إن كارثة الجوع التي يواجهها الناس، وخاصة في شمال قطاع غزة، ستزداد سوءا إذا توقف دخول الإمدادات"، في إشارة إلى مئات آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وشمال القطاع، الذين يعزلهم الاحتلال الإسرائيلي عن النصف الجنوبي منه، وهذا جزء من "استكمال حرب الإبادة الجماعية"، كما أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تأزيم الواقع الإنساني بشكل مضاعف وكارثي.

الخلاصة، إن مدينة رفح تتميز عن غيرها من المدن بعدة جوانب، منها استضافتها لأكثر من مليون نازح وتمثيلها مركزًا رئيسيًا للعمل الإنساني الدولي، وخاصة بعد انسحاب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من مناطق شمال قطاع غزة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، وتعتبر رفح بوابة لقطاع غزة نحو العالم الخارجي بفضل حدودها المشتركة مع مصر، وأي تصعيد عسكري في رفح، وخصوصًا على محور فيلادلفيا، قد يتسبب في تفسير مصري بأنه مخالفة لاتفاقية كامب ديفيد، بالإضافة إلى الخوف من تدفق المهجرين نحو الجانب المصري من المعبر.

وإن احتلال معبر رفح وتهجير شرق مدينة رفح يمثلان محاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لزيادة الضغط على طاولة المفاوضات بشأن التوصل إلى اتفاق تهدئة، وإن نتنياهو يسعى إلى ترويج صورة للنصر والقوة للجمهور الإسرائيلي من خلال السيطرة على رموز سيادة وحكم حماس في رفح، ما يؤثر على قدرتها، وخاصة أن العملية العسكرية في المدينة قد أثرت بشكل سريع على حياة السكان، مع وجود مليون نازح، وخروج المستشفى الحكومي عن الخدمة ترك المدينة بلا وسائل علاجية ضرورية، ما يتسبب في ارتفاع معدلات الوفيات في صفوف المرضى والجرحى إذا استمرت العملية العسكرية واتسعت جغرافيًا.
رقم : 1133625
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم