0
الأربعاء 15 كانون الثاني 2020 ساعة 10:56

فصل جديد من العلاقات القطرية الإيرانية

فصل جديد من العلاقات القطرية الإيرانية
العلاقات السياسية والاقتصادية غير المتوازنة

لقد توسّعت العلاقات بين قطر وإيران في المجالين السياسي والاقتصادي في السنوات الأخيرة، وخاصةً بعد الأزمة بين دول مجلس التعاون والتي أدت إلى محاصرة الدوحة الشاملة من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بناءً على زيادة التعاون الإقليمي. كما أكدت اجتماعات الأمس بين كبار المسؤولين في البلدين على الحاجة إلى توثيق العلاقات السياسية وضرورة توسيع التعاون الاقتصادي أکثر فأکثر.

وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الإيراني "حسن روحاني" إلى تقدم إيران في مختلف قطاعات العلوم والتكنولوجيا، الأنشطة القائمة علی العلم والخدمات المتعلقة بقطاعي المياه والكهرباء، وقال: "نحن على استعداد لنقل تجاربنا في هذه القطاعات إلى دولة قطر الصديقة".

في الواقع، ترى إيران أن الوجود الأكبر في الأسواق الاقتصادية في البلدان المجاورة، وسيلة مهمة لمواجهة آثار العقوبات الأمريكية، وخاصةً في قطاع الطاقة، وقطر كدولة ثرية يمكنها أيضًا الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد الإيراني. وبسبب احتياجاتها المحلية في مجالات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، والتي وفرت الكثير منها من خلال التجارة الخارجية، فمن المحتمل أن تكون سوقًا جيدةً للمنتجات والشركات الإيرانية.

من ناحية أخرى، فإن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الأعضاء في مجلس التعاون على قطر، قد جعلت الدوحة تولي اهتماماً خاصًا لتوسيع العلاقات الاقتصادية مع طهران التي تتمتع بميزة القرب الإقليمي، كسياسة استراتيجية من أجل الحد من الاعتماد الاقتصادي على هذه الدول في المستقبل.

وفي هذا الصدد، صرح أمير قطر أنه ينبغي توسيع العلاقات بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة والمشاريع المشتركة، بجهود المسؤولين، وقال: نرحب بالتعاون المشترك بين رجال الأعمال الإيرانيين والقطريين، وسوف نقدّم تسهيلات خاصة لتطوير هذه الشراكات.

ومن المتوقع تشكيل اللجنة المشتركة للبلدين خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقاً للمسؤولين. وتأتي هذه الخطوة لرفع مستوى التعاون الاقتصادي إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين.

الشراكة الأمنية وتحدي الوجود الأمريكي

من المؤکد أن الجزء الرئيس الآخر من محادثات أمير قطر مع القادة الإيرانيين، يرتبط بالتطورات الإقليمية وسط تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن.

في أعقاب زيادة احتمالات وقوع الحرب بأبعاد غير معروفة في المنطقة، بعد اغتيال الشهيد قاسم سليماني من قبل الأمريكيين، دعت بلدان مختلفة إلى السيطرة على التوترات، وكانت قطر من أوائل الدول التي كثفت الجهود الدبلوماسية عبر إرسال وزير خارجيتها إلى طهران.

لقد صرحت إيران مرارًا وتكرارًا أنه لا يمكن بأي حال النظر إلى الأمن الإقليمي بطريقة خارجية وغير متکاملة وغير جماعية، بل يجب أن يقوم أي نظام أمني على حماية المصالح ومشاركة جميع البلدان في المنطقة وعدم تدخل القوى الأجنبية. وفي هذا الصدد، قدمت طهران في سبتمبر خطة "هرمز" للسلام رسمياً على أساس السمات العامة المذكورة.

وفي هذا السياق، أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم "آية الله خامنئي" علی هذا الأمر في لقائه مع الوفد القطري، مشيراً إلى الظروف الحالية غير المناسبة في المنطقة، وأضاف: إن سبب ذلك هو فساد أمريكا ومن يسير في فلکها، والطريقة الوحيدة للتعامل معها هي الاعتماد على التعاون الإقليمي.

قطر هي واحدة من دول المنطقة التي رحبت بهذه الخطة. وفي هذا السياق، قال الشيخ تميم في اجتماعه مع الرئيس روحاني: نعتقد أنه يجب علينا العمل مع جمهورية إيران الإسلامية كدولة مؤثرة للحفاظ على الأمن في هذه المنطقة، وأي تعاون أمني في هذه المنطقة دون وجود إيران ليس له قيمة.

ومع ذلك، فإن القضية وحتى التحدي المهم الذي لا يمكن تجاهله هو استضافة قطر لواحدة من أهم القواعد الإرهابية الأمريكية في المنطقة.

وفقاً للأدلة المتاحة، فإن قاعدة العديد الجوية باعتبارها أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، ومركز القيادة الجوية الأمريكية في المنطقة(سنتكوم)، قد لعبت دوراً هاماً في اغتيال الشهيد قاسم سليماني، وتطلب طهران أن يشرح القطريون ذلك.

في سياق الانتقام الصعب، وضعت إيران سياستها الإستراتيجية علی طرد القوات الأمريكية من المنطقة، وهكذا أدرجت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون والقوات الأمريكية على قائمة الإرهابيين والأهداف المشروعة للقوات المسلحة الإيرانية رسميًا.

لذلك، إذا استمرت "سنتكوم" في أنشطتها الهادفة إلی إلحاق الضرر بالمصالح الإيرانية في المنطقة، فسيتأثر أمن الدول المستضيفة للقواعد الأمريكية في المنطقة. وبطبيعة الحال، يجب أن تجد قطر حلاً لهذا التحدي.

على الرغم من أنه يبدو من الصعب إغلاق قاعدة "العديد" في الوقت الحالي، إلا أن غضب إيران واستياءها من تنفيذ مؤامرة الاغتيال من هذه القاعدة، يمكن أن يكونا أداة ضغط علی الدوحة لمراقبة نشاط العسكريين الأمريكيين على أراضيها، حتی لا يتصرفوا بما يتعارض مع مصالح الشركاء الإقليميين لقطر.
رقم : 838602
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم