0
الثلاثاء 21 كانون الثاني 2020 ساعة 22:31

خليفة بن سلمان في غياهب النسيان!

خليفة بن سلمان في غياهب النسيان!
خمسة عقود كانت حافلة بالأحداث كان نجم خليفة فيها ساطعا في سماء حكم العائلة الخليفية المميّز بالظلم والإضطهاد والتنكيل بأهل البلاد الأصليين. خمسة عقود شهدت البحرين خلالها انتفاضة في كل عقد كانت آخرها ثورة الرابع عشر من فبراير 2011.

تحول خلالها خليفة إلى هدف للمنتفضين لا لأنه رئيس وزراء البلاد، ولكن لكونه الثابت غير المتغير في الساحة السياسية! فالبلاد شهدت تولي حاكمين منذ الاستقلال، هما كل من عيسى ال خليفة الذي خلفه إبنه حاكم البلاد الحالي، لكن خليفة ظل رئيسا وزراء أوحد للحكومات المتعاقبة! مما أوحى للبعض بان العلة هي في خليفة وليس في الحاكم! فكان التعويل على إزاحة خليفة أو موته باعتبارها مفتاحا لحل أزمة البحرين التاريخية.

كانت شخصيته المهيمنة على الحكومة والصلاحيات التي منحها له أخوه الحاكم السابق وإبن أخيه الحاكم الحالي عند توليه الحكم خلفا لأبيه عام 1999، وفساده المالي جعلته هدفا للمعارضين البحرانيين.

فقد اعتبره المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة في تصريح عام 2004 أنه أحد أبرز عوامل الأزمات السياسية في البحرين. فكانت أوّل مطالبة علنيّة لتنحية خليفة بن سلمان في تلك الحقبة، تصريح أدى إلى اعتقال الخواجة وتصاعد الدعوات للإفراج عنه مصحوبة بهتاف "تنحّ يا خليفة".

لكن خليفة لم يتنحّ وأبى إلا أن يحطم الرقم القياسي كأقدم رئيس وزراء في العالم! وبالتزامن مع تمدده أفقيا في الحكم تمدّد خليفة بن سلمان عموديا في ثرواته التي تعاظمت طوال نصف قرن! لم يعرف الحجم الدقيق لثروته ولكن ظهرت مؤشرات تدل على مدى ضخامتها.

فقد تسربت في العام 2016 أنباء حول عزم خليفة شراء حصة شريكه ملك تايلند في مجموعة كمبنسكي الفندقية البالغ قيمتها 2 مليار دولار! استثمارات في الخارج هي القاسم المشترك الآخر بين أفراد عائلة آل خليفة، في وقت تعيش فيه البحرين أزمة اقتصادية متجددة منذ غزو الخليفيين لها.

ومع اندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير رفع البحرانيون شعار يسقط حمد! الذي دوى في سماء دوار اللؤلؤة، لكن هناك من تمسك بشعار تنحّيا خليفة الذي أطلق سبع سنوات قبل الثورة وأصبح شعار باليا بنظر البحرانيين، الذين يرون أن لب الأزمة هي الحكم الخليفي ورمزه حمد!

فالأزمة بنظرهم لا تحل بتغيير أفراد كما يراهن البعض، ولكن بتغيير نظام حكم عصي على الإصلاح والتغيير.

لكن بعض فصائل المعارضة أبقت شعرة معاوية مع الحاكم وولي عهده سلمان ملقية باللائمة على خليفة ومعتبرة أن إزاحته ستفتح باب الحل على مصراعيه في البحرين! غير أن العائلة الحاكمة ظلت متمسكة بخليفة، وخاصة جناح الخوالد الذي يهيمن على الديوان الملكي.

فالعائلة الحاكمة لم تضح بخليفة لأن هذه التضحية ستفتح الباب على مصراعيه لتلبية مطالب الشعب الأخرى.

حتى بدأ نجم خليفة بالأفول بعد أن كشّر حاكم البحرين عن أنيابه وكشف عن وجهه الحقيقي الذي أخفاه خلف قناع الإصلاحات عند توليه الحكم مطلع القرن الحالي.
فخليفة ما هو إلا منفذ لإرادة العائلة الحاكمة التي يقودها حمد، ونهج هذه العائلة هو قمع الشعب والقضاء على أي حراك مطلبي له وهذا نهج ثابت يمثل حجر الزاوية في حكم هذه العائلة، سواء أرحل ملك أو جاء رئيس وزراء جديد!

بدأت رحلة اختفاء خليفة عن الأنظار في ديسمبر عام 2016 وسط تكتّم شديد كالمعتاد من أفراد قبيلة آل خليفة، حتى تبيّن لاحقا أنه في رحلة علاجية بعد أن راجت تكهنات حول موته (84 عاما). ثم جاءت رحلة الإختفاء الثانية قبل بضعة أشهر، حتى تبين أنه في رحلة علاجية بعد أن قرر الحاكم زيارته في ألمانيا قبل أسبوعين في خضم حالة التصعيد الأمريكي – الإيراني في المنطقة!

لكن الغياب هذه المرة لدواعي صحية، صاحبته حملة داخلية ضد خليفة قادها الديوان الملكي على خلفية حدثين.

الأول هو زيارته لرجل الدين السيد عبدالله الغريفي، الذي طرح مبادرة للخروج من الأزمة لم تعرها العائلة الحاكمة آذانا صاغية! وأما الثاني فهو اتصال هاتفي أجراه مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لتهنئته بشهر رمضان المبارك، وهو الإتصال الأول من نوعه منذ بداية الأزمة الخليجية وحصار قطر عام 2017.

أصبح خليفة في مرمى الديوان الملكي الذي شن عليه عبر أذرعه حملات حدت رئيس الوزراء القطري السابق، الشيخ حمد بن جاسم آلثاني، إلى إعلان تضامنه مع خليفة، في وجه الحملات التي يتعرض لها! غادر خليفة ولم يعد إلى البلاد لحد اليوم! لكنه غيابه وحضوره سيّان بعد أن أصبح ورقة محترقة غير مؤثرة!

الطريق باتت سالكة اليوم أمام ولي العهد الذي عينه والده نائبا لرئيس الوزراء، استعدادا لخلافة خليفة! ولعل تعويل بعض فصائل المعارضة على إزاحة أو موت خليفة لحل الأزمة، ليس رهانا على غيابه وإنما الرهان على خليفته سلمان، الذي يرى فيه البعض حمامة سلام في سماء الخليفيين المليئة بالكواسر.

غير أن هذا الرهان خاسر هو الآخر بنظر معارضين آخرين، يرون فيه تكرار لتجربة الإصلاح المزعوم التي كان رائدها الحاكم الحالي الذي سرعان ما انقلب عليها بعد عام، ليسير على ذات النهج الذي سار عليه أجداده في تعاملهم مع الشعب طوال أكثر من قرنين من الزمن. فموت خليفة او إزاحته ومجيء سلمان لن يغير من هذا النهج المتأصل فهو دستور لكل حاكم خليفي لا يحيد عنه ولكنه قد يجمد العمل ببعض فقراته انحناء أمام العاصفة، ليعود لتعديل فقراته لتصبح أشد قسوة وتنكيلا بالبحرانيين.
 
رقم : 839900
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم