0
الأربعاء 21 شباط 2024 ساعة 09:32

جلسات العدل الدولية.. الكيان تحت وطأة الضغوط

جلسات العدل الدولية.. الكيان تحت وطأة الضغوط
جنوب إفريقيا سجلت موقفا واضحا رافضا للعدوان على غزة، ومؤيدا ومساندا للفلسطينيين، وانطلاقا من ذلك لجأت إلى محكمة العدل الدولية، وتقدمت بدعوى ضد كيان الاحتلال ومحاكمته بسبب انتهاكاته في قطاع غزة لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، في محاولة منها للوصول إلى موقف مؤثر، من خلال عضويتها في المنظمات الدولية.

وفي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية كيان الاحتلال في هذه القضية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع الإبادة الجماعية في غزة، لكن الاحتلال ما زال ماضيا في إجرامه وإبادته للفلسطينيين.

مرافعات المحكمة

بدأ اللجوء إلى المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والقوانين يؤرق كيان الاحتلال الذي طلب مؤخرا من محكمة العدل الدولية رفض طلب تقدمت به حكومة جنوب إفريقيا قبل أيام "لاستخدام سلطتها الكاملة من أجل وقف العملية العسكرية التي تخطط إسرائيل لشنها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة".

لذا تستمر الجهود الفلسطينية لدفع الدول والمؤسسات القانونية الدولية إلى إدانة كيان الاحتلال ومحاولة إيقاف سيره في طريق إبادة الفلسطينيين، وتم تكثيف هذه الجهود بعد العدوان الذي تشنه "إسرائيل" على قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية حماس على مستوطنات غلاف غزة، وتشكل جلسات الاستماع في المحكمة الدولية جزءا من تلك الجهود الفلسطينية.

وطالب ممثلون فلسطينيون قضاة أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة بإعلان عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية موضحين أن الرأي الاستشاري للمحكمة يمكن أن يساهم في دفع حل الدولتين وإحلال سلام دائم.

وقد بدأت محكمة العدل الدولية جلسات استماع لمدة أسبوع حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في لاهاي، ومن المقرر أن تستمع المحكمة إلى إحاطات أكثر من 50 دولة، بالإضافة لمنظمة التعاون الإٍسلامي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي.

العديد من الدول ستشارك في تلك الجلسات، ومن بين الدول التي ستلقي إحاطة شفهية، مثل أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران وكندا ومصر وجنوب إفريقيا واليابان وإسبانيا والمملكة العربية السعودية وماليزيا وباكستان وهولندا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والعديد من الدول في الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي. 

إن هذا الحدث يشكل سابقة في التاريخ، من حيث إدلاء هذا العدد الكبير من الدول بإحاطات مكتوبة وشفوية في الفتوى أمام محكمة العدل الدولية، ورغم ذلك فإن كيان الاحتلال لا يشارك في جلسات الاستماع الشفهية، واكتفى ببيان مكتوب.

هذه الجلسات جاءت بناء على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، طرحت فيه على محكمة العدل الدولية سؤالين يتعلقان بشرعية احتلال "إسرائيل" لفلسطين منذ حرب عام 1967، بناء على المادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، إذ كان السؤال الأول عن التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك "إسرائيل" المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، والثاني حول كيفية تأثير ممارسات "إسرائيل" على الوضع القانوني للاحتلال.

وحين تم نقل طلب الفتوى إلى محكمة العدل الدولية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في 17 يناير/كانون الثاني 2023، أخطرت المحكمة، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفلسطين بشأن حقهم في الإدلاء ببيانات مكتوبة وشفهية بشأن الأسئلة التي يتم إصدار رأي استشاري بشأنها، كما طلبت الجمعية العامة أيضا من هيئة المحكمة، المؤلفة من 15 قاضيا، تقديم المشورة حول "تأثير تلك السياسات والممارسات على الوضع القانوني للاحتلال"، والعواقب القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع البلدان والأمم المتحدة.

لذا يتعين الآن على القضاة مراجعة "الاحتلال والاستيطان والضم" الذي تقوم به "إسرائيل"، بما في ذلك التدابير الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية ووضع مدينة القدس، واعتمادها للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة.

قوة الأحكام الصادرة

إن جلسات الاستماع تلك تأتي في ظل تصاعد الضغوط السياسية على كيان الاحتلال بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة، والتي أسفرت عن نتائج كارثية من حيث عدد الشهداء والمصابين، إضافة إلى حجم الدمار الهائل الذي طال كل شيء في القطاع.

وإجراءات الرأي الاستشاري تعد منفصلة عن قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب إفريقيا في المحكمة الدولية ضد "إسرائيل" وحسب محكمة العدل الدولية، فإن الرأي الاستشاري غير ملزم من الناحية القانونية، ولكنه سيحمل "ثقلا قانونيا وسلطة أخلاقية كبيرة"، فالفتاوى ليست ملزمة، لكنها رغم ذلك مهمة جدا، لأنها تعكس رأي محكمة العدل الدولية بشأن تلك القضية.

وفي الوقت الذي تشير فيه تلك القرارات إلى الكيفية التي قد تتخذ بها المحكمة قرارا في القضايا المحتملة، فإن العديد من الدول والمنظمات أخذتها بعين الاعتبار وتصرفت وفقا للرأي المقدم، كما أنها فعالة أيضا في خلق ضغط سياسي على الدول التي تعارض الفتوى وتضطر الدول التي تؤيدها علنا من قبل المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في موقفها.

فبعد فتوى محكمة العدل الدولية التي أصدرتها في 2004 حول الجدار الذي بنته "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية والتي ذكرت فيها أن بناء الجدار مخالف للقانون، امتنعت العديد من الدول والشركات عن المساهمة في بناء الجدار، ووضعت شرطا لعدم استخدام مواد البناء المباعة لـ"إسرائيل" في بناء الجدار.

وفي كلمته الافتتاحية، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي: إن المسؤولين الفلسطينيين يأتون إلى محكمة العدل الدولية لـ"التحدث باسم شعبنا الذي حرم منذ نحو قرن من حقوقه، مضيفا إن الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي دون شروط، ومؤكدا التزام السلطة الفلسطينية بـ"القانون الدولي الذي يجب أن ينتصر"، إذ يمكن لهذه المحكمة "المساهمة بالعدالة لحقوق الفلسطينيين".

وأضاف وزير الخارجية الفلسطيني: إنه "في عام 1967، إسرائيل احتلت المناطق الفلسطينية وغيرت شكل الخريطة"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد أي تبرير للانتهاكات الإسرائيلية ولا تفسير لها"، حيث "يعاني شعبنا يوميا للبقاء على قيد الحياة".

وأورد المتحدث ذاته، أن ملايين الفلسطينيين يعانون جيلا بعد جيل، "بعد أن تم انتهاك حقوق مئات الفلسطينيين بدولة تحترم حقوقهم الإنسانية"، متهما "إسرائيل" بـ"انتهاج الفصل العنصري ضد الفلسطينيين".

انطلاقا من واقع الحال، يقع على الفلسطينيين وكل من يناصر القضية الفلسطينية مسؤولية الوصول بالهم الفلسطيني إلى كل بقاع الأرض، وأن يحاولوا الوصول إلى كل ما من شأنه التأثير في سبيل دفع الظلم عن الفلسطينيين، والحصول على حقوقهم.
رقم : 1117592
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم