0
الثلاثاء 7 أيار 2019 ساعة 21:50

الإمارات والدور الخفي بالصراع الليبي

الإمارات والدور الخفي بالصراع الليبي
لم يعد خافياً الدعم المهول الذي يقدمه النظام الحاكم في الإمارات للجنرال الليبي خليفة حفتر الذي يخوض قتالاً للسيطرة على العاصمة طرابلس، يتجاوز ذلك الدعم العسكري إلى السياسي.

وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي شنت طائرات دون طيار “صينية الصنع” غارات على طرابلس، وجهت الاتهامات على الفور إلى الإمارات، التي تملك ذات النوع من الطائرات المسيرة وتشغلها في قاعدة عسكرية واحدة على الأقل في ليبيا.

قبل ذلك، كانت الإمارات تزود الجنرال في السابق بالدعم الجوي من قاعدة أقيمت في الخادم في شرق ليبيا في عام 2016.

وسبق أن أفاد تقرير صدر عن الأمم المتحدة في 2017، أن الإمارات قدمت لقوات حفتر دعماً عسكرياً ولوجيستياً شمل طائرات ومركبات عسكرية، كما أعادت أبوظبي بناء قاعدة جوية في منطقة الخادم في بنغازي.

وتقول "أنيسة بسيري تبريزي" من المعهد الملكي البريطاني: “حقيقة أن الغارات في الليل، إلى جانب تقارير شهود العيان، تجعل من المحتمل جدًا أن تكون الطائرات الصينية بدون طيار تابعة للإمارات”.

وتضيف تبريزي “رغم أن الإماراتيين ينسقون مع الولايات المتحدة، بينما في ليبيا يخرقون الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد الأسلحة للبلاد”.

وسبق أن قال المتحدث باسم قوات حفتر إن الغارات قامت بها قوة “صديقة”!
موقع Aero-Histo يشير إلى حطام الصواريخ الذي استهدف طرابلس، مؤكداً انه من نوع Blue Arrow الصيني الذي يطلق من طائرات دون طيار من طراز Wing Loong II.

الموقع يشير إلى أن هذه الصواريخ والطائرات مملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم إطلاق الصواريخ ليلاً بين (19-21 ابريل/نيسان الماضي).

وقال الموقع إن القاعدة الإماراتية ليست بعيدة، لافتاً إلى أن بالإمكان تشغيل الطائرات الصينية مدرج بديل قريب من جبهة طرابلس من أجل البقاء لفترة أطول في الهواء للقيام بالدعم الجوي المباشر (CAS) إلى LNA، مقدماً احتمالاً بأن يكون مسيرو تلك الطائرات من الإماراتيين.

وأظهر الأمر أكثر من مجرد إدارة معركة عسكرية، بل وسياسية أيضاً، حيث يُعتقد على نطاق واسع أن دعم الإدارة الأمريكية الحالية لـ “حفتر” جاء عبر أبوظبي التي تملك علاقة خاصة مع “جاريد كوشنر” زوج ابنة دونالد ترامب، الذي يعتقد أنه من يدير ملف السياسة الخارجية.

وقالت شبكة بلومبرغ في تحليل لها أن الإدارة الأمريكية اعتبرت تقدم حفتر باتجاه طرابلس خطاً أحمر خلال اجتماع في الإمارات بشهر فبراير/شباط خطاً أحمراً، لكن يبدو أنها خطوط حُمر أمكن تجاوزها.

وذكرت بلومبرغ “يبدو أن مصر والإمارات قد حققتا نصرًا خاصًا بها عن طريق إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالوقوف إلى جانب حفتر”.

وبعد مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتحدث إلى الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، في نهاية أبريل، قام ترامب بإجراء مكالمة هاتفية مع حفتر وأظهر فيها دعمه له، حسبما ذكر مسؤولون أمريكيون. وأشاد بيان أصدره البيت الأبيض بدور حفتر في مكافحة الإرهاب.

وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية الأمر، إن الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، انتقلت من دعم مشروع قرار بريطاني يدعو إلى وقف إطلاق النار في طرابلس إلى تهديد باستخدام حق النقض (الفيتو) إذا ذهب للتصويت. وقال مسؤولون أمريكيون إن ترامب تأثر بالسيسي وبن زايد.

في هذه الأثناء كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية نقلاً عن دبلوماسي إماراتي، إن بلاده قدمت نحو 200 مليون دولار للعمليات العسكرية التي يقودها حفتر، والتي أطلق عليها اسم “عمليات تحرير طرابلس”، مقسمة بين الرياض وأبوظبي.

وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قال في تغريدة قبل أيام إن “اتفاق أبوظبي قدم فرصة لدعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في ليبيا”، متابعا بأنه “في الوقت الحالي، تستمر الجماعات المتطرفة في السيطرة على العاصمة، وتعطيل التوصل إلى حل سياسي”.

ووفق تقرير سابق، صادر عن الأمم المتحدة، فإن الإمارات زودت قوات “حفتر” بنحو 100 ناقلة جنود مدرعة خلال السنوات الماضية. وأشار التقرير ذاته إلى أن الإمارات ساعدت قوات “حفتر” على الأغلب في بناء قاعدة الهادم الجوية.

وقدمت الإمارات مئات المدرعات والسيارات والأموال لقوات “خليفة حفتر” منذ سنوات، وساعدته على الصمود أمام القوات الحكومية المعترف بها دولياً، و”الثوار” الرافضين لتوسع قواته.

وتملك الإمارات قاعدتان عسكريتان في ليبيا لطائرات دون طيار ومروحيات وطائرات مقاتلة ومقر عمليات، الأولى في منطقة “الخروبة” بعد 100 كيلومتر جنوب غربي حقل السرير النفطي، والثانية في منطقة “الخادم” تبعد نحو مئة كيلومتر عن مدينة بنغازي.

وفي نفس السياق، ذكر موقع "ديفنس نيوز" الأميركي أيضا أنه من المرجح أن تكون الطائرات التي شوهدت محلقة فوق العاصمة الليبية خلال غارات ليلية في الأيام الأخيرة هي طائرات صينية مسيرة من طراز "وينغ لونغ 2"، وهي تابعة للإمارات التي تدعم محاولة اللواء المتقاعد خليفة حفتر للإطاحة بحكومة الوفاق المعترف بها من الأمم المتحدة.

ونقل الموقع عن المحلل في معهد كلينغنديل في هولندا جليل هرشاوي أن "شراء الطائرات بدون طيار من الولايات المتحدة يستغرق بعض الوقت، وهو مكلف وهناك محاسبة، لكن شراء الطائرات الصينية بدون طيار الآن رخيص وسريع وغير مرتبط بإجراءات معقدة".

وكذلك، قال جوستين برونك -من المعهد ذاته- إنه من الممكن أن تطير هذه الطائرات بدون طيار من الخادم -على بعد حوالي 460 ميلا من طرابلس- من خلال التحكم بها من قاعدة أرضية متنقلة مقامة بالقرب من طرابلس"، مشيرا إلى أنه من المحتمل أيضا أن يكون مشغلو هذه الطائرات إماراتيين.

وفي الشهر الماضي، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا، حول تصعيد اللواء المتقاعد خليفة حفتر لهجومه على العاصمة طرابلس، والأدلة حول استخدامه لطائرات من دون طيار، فضلا عن الدور الإماراتي والسعودي في دفعه لتأجيج المعارك في ليبيا واستبعاد الحل السياسي، بعد تورط هاتين الدولتين لأربع سنوات في العدوان على اليمن.

وقالت الصحيفة، في تقريرها إن العديد من الضربات الجوية، ومن ضمنها ما يعتقد أنه أول استخدام للطائرات المسيرة في هذا الصراع، هزت طرابلس خلال الليل، في تصعيد للهجوم الذي يقوده خليفة حفتر ضد العاصمة الليبية، بدعم من الإمارات.

وأشارت الغارديان الى مصادر وعدد من سكان طرابلس أكدوا أنهم شاهدوا طائرة تحلق في أجواء العاصمة لأكثر من 10 دقائق، والتي أصدرت صوت طنين قبل أن تفتح النار على عدد من المناطق. (تجدر الإشارة إلى أن ضجيج هذه الطائرات المسيرة يختلف كثيرا عن صوت الغارات الصاروخية).

وبحسب "بيتر ميلت"، السفير البريطاني السابق في ليبيا، فـ"إن استخدام الطائرات المسيرة مثّل تصعيدا هاما ومأساويا سوف يزيد من عدد الضحايا في ليبيا".

من جانبه، قال أنس القماطي، مدير مركز الدراسات الليبي "صادق"، إن "الحرب الجوية في طرابلس دخلت بشكل رسمي مرحلة جديدة وخطيرة، وتحول الأمر إلى هجوم تشنه دولة أجنبية غازية، وهي الإمارات". وأضاف القماطي أن "ليبيا لا تزال هي نفسها، ولكنها على وشك أن تصبح نسخة جديدة من اليمن في البحر الأبيض المتوسط.

وأضاف أن "وعود حفتر بالسلام الدائم والاستقرار هي مجرد كذبة. والطائرات المسيرة الإماراتية لا يمكن أن تجلب الوحدة".


وفتح محققون أمميون، بحسب وكالة "فرانس برس"، تحقيقا لمعرفة ما إذا كانت الإمارات ضالعة في النزاع العسكري بليبيا، وذلك بعد أن تم هناك الشهر الماضي استخدام طائرات مسيرة صينية الصنع، يمتلك مثلها الجيش الإماراتي.

وذكرت الوكالة استنادا إلى تقرير سري يقول إن الصواريخ، التي أطلقتها الطائرات المسيرة في الضاحية الجنوبية لطرابلس يومي 19 و20 أبريل الماضي، تبين بعد دراسة شظاياها أنها هي صواريخ جو-أرض من طراز "بلو آرو".

وبحسب التقرير فإن هذا النوع من الصواريخ تمتلكه فقط ثلاث دول هي الصين وكازاخستان والإمارات، ذلك أن هذه الصواريخ تطلقها حصرا طائرات بدون طيار تنتجها شركة "وينغ لونغ" الصينية.

ولفت التقرير إلى أن "مجموعة الخبراء تحقق في الاستخدام المحتمل لهذا السلاح من قبل "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، أو من قبل طرف ثالث داعم "للجيش الوطني الليبي"، مؤكدا أن هذه الصواريخ لم تحصل عليها ليبيا مباشرة من الشركة المصنعة أو من الصين.

وذكرت "فرانس برس" أن أكثر من 430 شخصا قتلوا، وأصيب ما يزيد عن ألفين آخرين، ونزح أكثر من 55 ألفا من ديارهم، منذ بدء معركة طرابلس، التي يسعى من خلالها "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر إلى السيطرة على العاصمة.
رقم : 792879
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم