0
الجمعة 4 كانون الأول 2020 ساعة 10:50

بعد الاستفتاء المخيب للآمال في الجزائر.. محاولة لإنعاش الحوار

بعد الاستفتاء المخيب للآمال في الجزائر.. محاولة لإنعاش الحوار
فشل الاستفتاء على الدستور في نوفمبر/ تشرين الثاني في تلبية الحركة الاحتجاجية الجزائرية بالتغيير السياسي، ولا تزال هناك حاجة ملحة إلى إنشاء آلية حوار لمعالجة المشاكل الاقتصادية المتنامية في البلاد.


وقال الكاتبان ريكاردو فابيني ومايكل العياري في مقال نشره موقع معهد ” رويال يونايتد سيرفيس إنستتيوت”، وهو أقدم مؤسسة بحثية في العالم بشؤون الدفاع، إن الاستفتاء الدستوري سلط الضوء على شكوك واسعة النطاق تجاه مقترحات الإصلاح الأخيرة، بعيداً عن تحقيق الأهداف المتوقعة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المتمثلة في دعم شرعيته الضعيفة وإعادة استيعاب “الحراك” بنجاح.

وأشار فابيني، وهو مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، والعياري، وهو محلل لشؤون تونس الجزائر في المجموعة، إلى أنّ معدل الإقبال كان منخفضاً إلى مستويات قياسية على الرغم من أن 67 في المئة من الناخبين قد وافقو على التعديلات الدستورية، وهذا هو أدنى مستوى مشاركة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

واستنتج الكاتبان أن هذه النتيجة القاتمة لم تكن بسبب قلة محاولة النخبة الحاكمة، حيث قدم تبون والعديد من المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام الموالية للحكومة الاستفتاء كبداية جديدة للجزائر من شأنها أن تبشر بعهد من الشفافية والديمقراطية والازدهار الاقتصادي، مع الإشارة إلى أن بعض هذه التعديلات كانت، في الواقع، تهدف إلى تلبية مطالبة الحراك، وتشمل هذه الاصلاحات إمكانية” التعايش” بين رئيس وأغلبية برلمانية ذات توجه سياسي مختلف، وزيادة مساءلة الحكومة تجاه البرلمان والمزيد من الإصلاحات للمحكمة الدستورية والأحكام الدستورية لسلطة انتخابية مستقلة وسلطة مكثفة بضمان الشفافية ومحاربة الفساد، ولكن هذه الاجراءات فشلت في إقناع نشطاء الحراك .

ولطالما دعت الحركة الاحتجاجية، وخاصة المجموعات الراديكالية، إلى تجديد شامل للطبقة السياسية وانتخاب جمعية تأسيسية ووضع حد للتدخل العسكري في السياسة والتخلص من الاقتصاد الريعي الجزائري والمحسوبية، وبحسب ما ورد في المقال، فقد تركت سلسلة الإصلاحات الخجولة التي تضمنتها التعديلات الدستورية الأخيرة معظم مؤيدي الحراك محبطين و خائبين من الوهم من نهج الرئاسة.

وأكد الكاتبان أن بعض العوامل الأخرى قد ساهمت في توسيع الفجوة بين النخبة الحاكمة والحركة الاحتجاجية، وقالا إن الجزائريين عثروا على مقارنة بين السنوات الأخيرة من رئاسة عبد العزيز بوتفليقة وأخبار نقل تبون إلى المستشفى بعد إصابته بكورونا، وعزز هذا الوضع التصور السائد بأنه لم يكن هناك انفصال عن الماضي، ولكن مجرد استمرارية في الاستراتيجية الرئاسية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التوقعات الاجتماعية والاقتصادية ما فتئت تتدهور بشكل مطرد منذ بداية العام بسبب الجائحة الحالية، وقد أدى الركود العالمي والقيود المرتبطة بفيروس كورونا إلى انخفاض النشاط التجاري بشكل حاد، كما انخفضت الإيرادات الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط.

ورأى الكاتبان أن الجزائر لا تزال في حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلها القريب في أعقاب الاستفتاء الدستوري المخيب للآمال، وأشار المقال إلى أن تبون بعد قرابة شهر من دخوله المستشفى، لم يُعد إلى الجزائر ولم يتحدث إلى وسائل الإعلام، ولا تزال المعلومات بشأن صحته محدودة للغاية.

ووفقاً لما قاله العديد من الصحافيين، فإن الخطوة التالية يمكن أن تكون تطبيق المادة 102 من الدستور، والتي تنص على أنه في حالة عجز الرئيس، يجب نقل الصلاحيات إلى رئيس المجلس التشريعي (الأمة)، وهو حالياً صلاح جودجيل البالغ من العمر 93 عاماً، وإذا كانت صحته تمنع ذلك، فإن رئيس المحكمة الدستورية هو الذي سيتولى المهام، وهو منصب يشغله حالياً كمال فنيش.

وبغض النظر عن هذا الاحتمال، بشأن ما إذا ومتى سيعود تبون إلى الجزائر؟، فإن المشهد الجزائري السياسي يزداد تعقيداً في غيابه، حيث حاول رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحه، ملء هذا الفراغ من خلال زيادة ظهوره على شاشات التلفزيون والمنافذ الوطنية الأخيرة وفي كثير من الأحيان بملابس مدنية.

وستحتاج الرئاسة الجزائرية إلى التعامل مع التصعيد العسكري الأخير في الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، حيث عاد هذا الصراع إلى الأضواء مجدداً مع سلسلة من المناوشات في المنطقة العازلة، وقد أصدرت الجزائر بياناً يشجع فيه الطرفين على إنهاء الاعمال العدائية واستئناف المحادثات، ولكن من غير الواضح إلى أي مدى هي مستعدة للذهاب في دعم البوليساريو.

ولاحظ الكاتبان أن الحركة الاحتجاجية لم تستأنف نشاطها بعد بسبب القيود المرتبطة بالوباء، والتي تحظر المظاهرات في الشوارع، وأن التهديد الذي يواجه النظام السياسي قد انحسر على المدى القصير، وقد خفف هذا الهدوء من الضغط على الرئاسة والحكومة لسن إصلاحات سياسية واقتصادية،ولكن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تستمر في التدهور، مع ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الدخل

وبدلا من محاولة دعم شرعيتها الضعيفة، يجب على الرئيس والحكومة، والحديث لفابيني والعياري، استئناف المفاوضات حول القضايا الأكثر ألحاحاً في الجزائر، وألا وهي الاقتصاد، إذ يجب على السلطات أن تضع آلية حوار متعمقة، يمكن أن تجمع بين الحراك وممثلي الحكومة، وكذلك قادة النقابات والجهات الفاعلة في المجتمع، وهذا من شأنه المساعدة في التوصل إلى حلول وسط واقعية.

ويمكن أن توفر هذه الإصلاحات للرئيس مخرجاً من المأزق الحالين والأهم من ذلك، فرصة للحد من الاقتراض الخارجي.
رقم : 901561
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم