0
الاثنين 22 آب 2011 ساعة 19:29

سوق مدحت باشا...قلب دمشق النابض بالعراقة

سوق مدحت باشا...قلب دمشق النابض بالعراقة
سوق مدحت باشا...قلب دمشق النابض بالعراقة
وقد اهتم جميع التجار في مختلف أصقاع الأرض ببلاد الشام من حيث التجارة والصناعة. حتى أن الكتب المقدسة كانت تذكر التجارة من وإلى الشام وذلك لعراقتها ولكثرة أسواقها التي انفردت يهما عن سائر بلاد العالم.
 
عديدة هي الأسواق التي تشتهر بها دمشق ولكن أبرزها سوق الحميدية ولئن كان يعود إلى زمن العثمانيين، إلا أن سوق مدحت باشا المعروف بسوق الطويل الذي أنشأ عام 1878في عهد والي دمشق (مدحت باشا)، ويمتد سوق مدحت باشا فوق الشارع الروماني الشارع المستقيم الذي ورد ذكره في الإنجيل والكتب المقدسة. 

ويعود إلى زمن أقدم من سوق الحميدية فقد كان معروفا منذ زمن المماليك، وكان يطلق عليه اسم سوق (جقمق) نسبة إلى خان جقمق الذي يعود للعهد المملوكي ولا يزال قائما إلى يومنا هذا. ويكاد يكون سوق مدحت باشا على نحو من التوازي مع سوق الحميدية من حيث اتجاه كل منهما من الشرق إلى الغرب فضلاً عن كونهما أقرب إلى التساوي في الطول بين نقطة بداية سوق مدحت باشا شرقاً من مدخل سوق البزورية وحتى باب الجابية غرباً وبدءاً من سوق الحميدية شرقاً عند الباب الغربي للجامع الأموي المعروف باسم باب البريد أو باب (جوبتر) الذي كان عند مدخل سوق الحميدية في المسكية ومن ثم إلى باب النصر غرباً بالدرويشية المعروف بباب الجنان، وباب النصر هذا كما هو معروف هو أحد أبواب مدينة دمشق. 

وفيما أضيف إلى ذلك فإن سوق مدحت باشا يمتد شرقا من مدخل سوق البزورية وحتى الباب الشرقي لمدينة دمشق، وهذا الامتداد لشارع مدحت باشا كما هو معروف غير مسقوف على شكل جبلون كما هو الحال في القسم الشرقي من السوق المذكور. 

ويتميز سوق مدحت باشا عن سوق الحميدية بما يقوم على جانبيه من الخانات ذات الأبواب المشرعة الجميلة بالأقواس البديعة ومنها خان جقمق المشار إليه وخان درويش باشا المعروف بخان الحماصنة، وقد أخلي هذا الخان ويجري ترميمه ليصار إلى توظيفه على غرار خان أسعد باشا في سوق البزورية ويتميز هذا الامتداد لسوق مدحت باشا بوجود تلة السماكة عند ما يعرف بمئذنة الشحم، وتعد هذه التلة شاهداً على مكان تشكل مدينة دمشق قبل آلاف السنين، كما أنشئ في أحد الأزقة المتفرعة عن يسار هذا الامتداد لشارع مدحت باشا بعد سوق البزورية بيت عنبر المعروف بمكتب عنبر، وقد كان هذا المكتب مدرسة ثانوية في العهد العثماني، التي تخرج منها العديد من رجالات سورية، وقد رقم هذا المكتب وأصبح مؤخراً قصراً للثقافة تابعاً لمحافظة مدينة دمشق. 

ويتصل بسوق مدحت باشا من جهة الجنوب الشارع المؤدي إلى أحد أبواب مدينة دمشق المعروف باسم الباب الصغير، وهو الباب الفاصل بين قسمي حي الشغور: القسم البراني الذي يمتد خارج السور والقسم الجواني من الشاغور وهو الممتد داخل سور مدينة دمشق الذي يضم ما يعرف بالإصلاح والخضيرية وطاحونة السجن، فضلاً عن ذلك يمكن أن نشير إلى المعابر الضيقة المتفرعة عن الجانب الجنوبي لسوق مدحت باشا التي تؤدي إلى سوق القطن وسوق النسوان وسوق الصوف، أما من الجهة الشمالية للسوق فإن أهم ما يتفرع عن سوق مدحت باشا من الأسواق فهو ما يعرف بسوق البزورية وسوق الحرير فضلاً عن تفرعات منطقة الحريقة. 

ولئن كان سوق الحرير يشكل امتداداً لسوق الخياطين الذي يعد أحد تفرعات سوق الحميدية، فإن سوق البزورية من الأسواق المهمة بدمشق، وله دور كبير في مدينة دمشق بما تحتاج إليه من سمن وسكر وزيت ومواد تموينية على مدار السنة وخاصة في شهر رمضان رغم انتشار أسواق مماثلة في أنحاء أخرى من مدينة دمشق.
وتأتي أهمية سوق البزورية من موقعه في قلب مدينة دمشق القديمة، حيث يتوافد السياح إلى هذه المنطقة لزيارة معالم دمشق الأثرية، كخان أسعد باشا ومتحف التقاليد الشعبية في قصر العظم، وحمام نور الدين الذي يتوسط هذا السوق. 

فضلاً عن كون هذه السوق تؤدي إلى الجامع الأموي الذي يحرص الجميع على زيارته والتمتع بمعالمه، كما نجد في سوق البزورية السكاكر والمربيات وعلب الأفراح ومجامع الحلويات الشامية وأنواع الملبس والشوكولاتة فضلا عن أنواع التوابل والبهارات وأنواع الشموع لجميع المناسبات. 

وينتشر في سوق مدحت باشا محال تجار الأقمشة الوطنية والأقمشة الحريرية كالصايات والعباءات والكوفيات والعكل والمفارش ومسابل التخوت فضلاً عن الأغباني والدامسكو فقد كان سوق مدحت باشا مع امتداده بين باب شرقي وباب الجابية سوقاً يطلق عليه أيام الرومان اسم الطريق المستقيم وهو بطول 1500مترا، وعرض نحو 26 مترا وعن يمين وعن يسار هذا الطريق رواق بعرض 6.80متر، ويقوم على كل رواق أعمدة ضخمة من الطراز الكورنتي، وكان يستخدم أحد الرواقين من يشرق بدابته، ويستخدم الرواق الآخر من يغرب (يتجه نحو الغرب) وكان الطريق الأوسط للمارة كما كان يتخذ كل من الرواقين للبيع والشراء، كان هذا الطريق المستقيم يتعامد عند قوس النصر القائم حالياً في محلة الخراب، مع شارع آخر كان يقطع مدينة دمشق من الشمال إلى الجنوب. 

وبإمكان الزائر إلى سوق مدحت باشا أن يلاحظ العراقة والتاريخ في كافة جوانب هذا السوق الأثري في البيوت والمحلات والمباني، ففي الجزء المكشوف منه وقبل باب شرقي الأثري يوجد العديد من الكنائس العريقة والهامة مثل كنيسة حنانيا والتي تعود للعصر البيزنطي ومقدسات تعود لبدايات المسيحية وأماكن تاريخية هامة. وتمتد على جانبي السوق المحلات والحوانيت ذات الأقواس والخانات الأثرية التي تحولت في داخلها حاليا إلى محلات وأسواق والممرات الجانبية في هذا القسم من مدحت باشا تصل بك إلى حارات عريقة فيها الكثير من عبق التاريخ وحولت العديد من بيوتها إلى مطاعم شرقية راقية وغاليريات ومعارض للفن الحديث. ويشتهر سوق مدحت باشا ببيع الصناعات النسيجية، والعباءات الرجالية المذهبة، والكوفيات، والأقمشة الحريرية، والصناعات المحلية المميزة، والشراشف، والديباج، والمناشف، والستائر ومحلات للبيع بالجملة، وكذلك محلات لصنع وبيع المشغولات النحاسية والموزاييك والمصدفات، ومحلات بيع القهوة والبن، والمكسرات، ومحلات للعطارة والأعشاب ومحلات صنع وبيع التحف والهدايا والسيوف والمصنوعات والمشغولات الشرقية الدمشقية الشهيرة. 

/ انتهى الخبر /
المراسل : سحر غنوم
رقم : 93751
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم