0
الاثنين 21 حزيران 2021 ساعة 13:19

أزمة ثقة بين الحشد الشعبي العراقي وحكومة الكاظمي

زهراء احمد- اسلام تايمز
أزمة ثقة بين الحشد الشعبي العراقي وحكومة الكاظمي
منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير مدينة الموصل وبعض الاقضية والنواحي الشمالية والغربية كان الحشد الشعبي هو الهاجس الأكبر لهذه التنظيمات الإرهابية لدوره في تغيير موازين المعركة، إضافة الى الجيش العراقي والأجهزة الأمنية الذي لا يمكن أن ننكر دوره المهم والفعال. ولكن الحشد كان له حصة الأسد في المواجهات العسكرية فأصبح رأس الحربة التي تتقدم كل الاجهزة الأمنية في عدة قواطع، وهذه ليست قصصاً تاريخية يمكن ان يتلاعب بها أو يحرفها مدعي أو مؤرخ، لأنها حقائق ثابتة شهد بها العدو قبل الصديق، ولأن كل شيء في هذا الزمن موثّق بالصوت والصورة. فأعداد الشهداء التي قدمتها هذه المؤسسة خير مثال على دورها المفصلي والمحوري في ساحات التضحية، إلا أن قنوات الفتنة وصفحات التفسخ الإجتماعي وبعض الشخصيات السياسية الطائفية، ومعها من يدور في الفلك الأمريكي كانت ولا زالت تعتبر الحشد الشعبي مليشيا طائفية وتستهدف فئة من الشعب العراقي، وتعتبرها ذراعاً ايرانياً داخل العراق بسبب الدعم الذي قدمته الجمهورية الاسلامية للعراق بعد احتلال الموصل، وبعد ان تخلى عنه محيطه العربي والذي كان موقفه الحياد في أحسن الأحوال .

الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية تشكلت كما قلنا بسبب الحاجة والضرورة لدعم القوات الأمنية العراقية وأخذت غطاءاً قانونياً، بعد أن أُقرت كمؤسسة تعمل تحت أمرة القائد العام للقوات المسلحة، وهو رئيس مجلس الوزراء حسب الدستور العراقي تتكون من كل الطوائف والأقليات. لذلك فإننا نجد في هذه المؤسسة الشيعي والسني والتركماني، وإن كان غالبية أفرادها من الشيعة فهذه مسألة طبيعية لأن الشيعة هم غالبية الشعب العراقي ولأن جزءاً مهماً من الشعب العراقي، وهم الأكراد شبه مستقلين أمنياً وعسكرياً، لذلك ببساطة اذا استبعدنا الأكراد سيكون التفوق العددي مسألةطبيعية لا يجعلها مؤسسة لطائفة معينة. إضافة الى الموقف العربي من الحشد الشعبي خصوصاً دول الخليج، اذ جعل نسبة كبيرة من السنة في العراق يعزفون عن الانتماء لهذه المؤسسة التي كانت ولا زالت خيمة تجمع كل العراقيين ولا يوجد فيها أي قانون يحدد قومية أو ديانة المنتمي اليها. 

اما المتصيدون الذين يعتبرون الحشد الشعبي مؤسسة تابعة لإيران وأنها ذراع الحرس الثوري الايراني في العراق، معللين ذلك بسبب دعم الجمهورية الاسلامية للحشد بعد سقوط الموصل. فهذا الأمر مردود عليهم، لأن ايران دعمت كل المؤسسات العسكرية والامنية على حد سواء وهذا ما شهد به كبار القادة العسكريين التابعين لجهاز مكافحة الإرهاب والعديد من قيادات  الجيش العراقي، لذلك فإن القول بأن ايران دعمت الحشد الشعبي وكان الدعم مختصاً له فهذا من الكذب والتدليس الاعلامي.

فبعد تحرير مدينة الموصل وغالبية الاقضية والنواحي وتطهيرها من التنظيمات الارهابية وبعد ان فشلت واشنطن في فرض معادلة جديدة اسمها تنظيم الدولة للبدء بمرحلة التقسيم الطائفي، دخل الحشد الشعبي معركة جديدة لا تقل شراسة عن معارك التحرير، وهي معركة اعلامية شعواء تسعى للنيل منه وتسقيطه، وبدأت الدعوات الى حله أو تذويبه في المؤسسات الأمنية، واستغلت الماكينات الإعلامية المعادية خصوصاً الدائرة في الفلك الأمريكي وأدواته حالة السخط الشعبي في العراق من سوء الأحوال الإقتصادية والخروقات الأمنية والإغتيالات، وتحميل كل مايجري في العراق للحشد الشعبي وآخرها ما حصل من قتل للمتظاهرين العراقيين، مع العلم أن كل التظاهرات حصلت في المدن الرئيسية بعيداً عن قواطع الحشد أو مقراته، إلا في بعض الحالات التي تحركت به بعض الايادي الخبيثة حينما هاجم بعض المتظاهرين مقرات الحشد وحرقها، مع الأخذ بالنظر أن مطالب المتظاهرين كانت خدمية وساخطة على الحكومة العراقية بسبب تردي الوضع الاقتصادي والخدمي  وان الحشد الشعبي مؤسسة أمنية لم يكن لها دور في الحكومة ولكن التحرك هذا كان جزءاً من المخطط الخبيث ضد هذه المؤسسة لخلق جو شعبي رافض لوجودها تمهيداً لحلها.

وبعد توافق القوى السياسية على شخص مصطفى الكاظمي مدير جهاز المخابرات السابق واختياره لتولي رئاسة الوزراء وتشكيل حكومة تقوم بإدارة الدولة والتمهيد للإنتخابات المقبلة وخصوصاً بعد زيارة الكاظمي الى واشنطن ولقائه ترامب بدأت اول الإحتكاكات مع الحشد الشعبي بعد اعتقال أفراد من الحشد، بدعوى أنهم من يطلقون الصواريخ على السفارة الامريكية، مع العلم أنهم جزء من مؤسسة أمنية لها سياقات عمل قانونية يجب أن تُخاطب بكتب رسمية قبل الإيقاف أو التحقيق مع اي فرد من عناصرها.

وبعد ان حصلت توترات في الشارع وخرج افراد الحشد الشعبي لاستعادة أبنائهم لأنهم اعتبرو ماحصل هو تجاوز من ناحية قانونية واستهداف لهذه المؤسسة خصوصاً بعد زيارة الكاظمي الى واشنطن، وبعدها حصلت عدة حوادث لم تأخذ صداها في الإعلام، الا أنها كانت ايضاً تخلق جواً من عدم الثقة مع الحكومة العراقية، وكانت قيادة الحشد الشعبي  حريصة جداً على احتواء الأزمات، وعلى أن لا تصل الامور الى التصادم مع القوى الأمنية، وعاد الكاظمي لنفس السيناريو بعد اعتقال قائد عمليات الانبار في الحشد الشعبي( قاسم مصلح ) وهو الامر الذي كاد أن يفجّر الوضع في العاصمة العراقية لأن الحشد الشعبي شعر بأنه مهدد فعلاً، وأن المسألة لم تكن خطأً او صدفة أو مثلما رأى بعض المحللين أنها عملية جس نبض.

وايضاً كان رد الفعل بنفس حجم الفعل لأن الحشد أدرك أن قياداته مهددة، وعلى الرغم من انتهاء هذه الأزمة الا أنه هذه المرة توسع الشرخ بين الحشد الشعبي والحكومة العراقية على الرغم من دعوات عديدة من شخصيات سياسية لعقد لقاء بين رئيس مجلس الوزراء وقادة الحشد، الا ان الدعوة حتی هذه اللحظة لم تتم، وهذا ماصرح به رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأنه دعى الى عقد جلسة اعادة ثقة بين الطرفين وتكون هناك اطراف سياسية شهوداً عليها، وأكد في لقاء متلفز ان هناك  حرص على الحشد الشعبي وعلى سيادة الدولة العراقية، وان الحشد لا يسعى لإسقاط العملية السياسية، بل ان هناك معطيات لدى قياداته ومعلومات تؤكد على سعي حكومة الكاظمي لاستهدافه بعد أن اتهمته سابقاً بأن له دور في اغتيال القادة الشهداء.
رقم : 939253
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم